للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العدوّ).واحتجّ بما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [خير الأصحاب أربعة، وخير السّرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر من قلّة] (١).

قوله عزّ وجلّ: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ؛} معناه: لم تقتلوهم يوم بدر بأنفسكم، ولكنّ الله قتلهم بالملائكة. وأضاف الله قتلهم إلى نفسه؛ لأن السبب في قتلهم كان من الله تعالى، فإنه هو الذي أيّد المؤمنين بالملائكة حتى شجّع قلوبهم، وأنزل المطر حتى ثبّت به الأقدام، وألقى في قلوب المشركين الرّعب حتى انهزموا. وقيل: كان المسلمون يقولون قتلنا فلانا وفلانا، فأراد الله تعالى أن لا يعجبوا بأنفسهم.

قوله تعالى: {وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى؛} معناه: روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لعليّ رضي الله عنه: [ناولني كفّا من تراب الوادي] فناوله قبضة، فاستقبل بها وجوه المشركين فرماهم وقال: [شاهت الوجوه وقبحت] فملأ الله أعينهم بها، فلم يبق فيهم أحد إلاّ وقد شغل بعينه، فحمل عليهم المسلمون فهزموهم (٢).فذلك قوله تعالى: {(وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ)} أعلم الله أن كفّا من التّراب لا يملأ عيون ذلك الجيش برمية بشر؛ لأنه تعالى تولّى إيصال ذلك إلى أبصارهم من الموضع الذي كان فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتى أصاب عين كلّ واحد منهم قسط من ذلك التّراب.

قوله تعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً؛} أي ولينعم على المؤمنين بالنّصر والغنيمة والأسارى نعمة حسنة. وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (١٧)؛أي سميع لدعائكم، عليم بأفعالكم وضمائركم.


(١) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الجهاد: باب فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا: الحديث (٢٦١١).والترمذي في الجامع: أبواب السير: الحديث (١٥٥٥)؛وقال: حسن غريب. وفي مجمع الزوائد: ج ٥ ص ٢٥٨؛قال الهيثمي: ((رواه أبو داود والترمذي وأبو يعلى، وفيه حبان بن علي وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات)).وفي الإحسان ترتيب صحيح ابن حبان: الحديث (٤٧١٧) صححه الشيخ شعيب وقال: ((على شرط الشيخين)).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٢٢٢٩٥) عن السدي مرسلا، و (١٢٢٩٣) عن محمّد بن كعب القرظي.

<<  <  ج: ص:  >  >>