قوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ؛} معناه: اقبلوا ما أمرتم به في الغنيمة إن كنتم صدّقتم بتوحيد الله، وبما أنزلنا على عبدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقوله تعالى: {(يَوْمَ الْفُرْقانِ)} أي يوم بدر فرّق فيه بين الحقّ والباطل بنصر المؤمنين وكبت الكافرين مع ضعف المسلمين وقتلهم.
وقوله تعالى: {(يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)} أي يوم جمع الكافرين والمؤمنين، {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(٤١)؛من نصر المؤمنين وغير ذلك.
قوله عزّ وجلّ:{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ؛} أي اذكروا يا أصحاب محمّد إذ كنتم بالعدوة الدّنيا؛ أي شفير الوادي الذي يلي المدينة، يقال لشفير الوادي عدوة وعدوة، {(وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى)} يعني المشركين بالجانب الآخر من الوادي على شفير الأبعد من المدينة، وهو الجانب الذي يلي مكّة. وقوله تعالى {(وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)} أي والقافلة المقبلة من الشّام التي كان أبو سفيان فيها كانت أسفل منهم بثلاثة أميال كانوا نازلين أسفل الوادي.
قوله تعالى:{وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ؛} أي إنّ الله جمعكم مع المشركين وأصحاب العير في ليلة واحدة بمنزل واحد، ولو تواعدتم للاجتماع هناك لاختلفتم في الميعاد بالعوائق التي تعوق عن ذلك، وبأنّكم لو كنتم تعلمون كثرة عدد المشركين وقلّة عددكم لم تحضروا في ذلك المكان للقتال. وقوله تعالى:
{وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً؛} أي ولكن قدّر الله اجتماعكم في ذلك المكان ليقضي الله أمرا كائنا لا محالة من إعزاز المسلمين وإعلائه «الإسلام»(١) على سائر الأديان.
قوله تعالى:{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ؛} أي ليموت من مات منهم بعد قيام الحجّة عليهم، {وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ؛} ويعيش من عاش بعد قيام الحجّة عليهم، {وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ؛} بمقالتكم، {عَلِيمٌ}(٤٢)؛ بضمائركم، يجازيكم على قدر أعمالكم.
(١) سقطت من المخطوط؛ والسياق يقتضي ذكر الإسلام؛ وسوف يأتي على ذكره في تفسير الآية (٤٤).