للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {(لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)} قد تقدّم تفسيره، والفائدة في إعادته أنّ المراد بالأوّل إعلاء الإسلام على سائر الأديان، وبالثاني قتل المشركين وأسرهم يوم بدر وكلاهما كان كائنا في علم الله.

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤٥)؛أي إذا لقيتم جماعة من الكفّار فاثبتوا لقتالهم، واذكروا الله كثيرا في الحرب بالدّعاء والاستغفار؛ لكي تفلحوا بالظّفر على الأعداء (١).

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا؛} أي أطيعوا الله ورسوله في الثّبات على القتال ولا تختلفوا فيما بينكم في لقاء العدوّ والتقدّم إلى قتالهم فتجبنوا من عدوّكم، {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ؛} قال قتادة: (يعني ريح النّصر) (٢) الّتي يبعثها الله مع من ينصره كما قال عليه السّلام: [نصرت بالصّبا] (٣).

وقيل: معناه: وتذهب دولتكم وقوّتكم (٤)،وقال مجاهد: (وتذهب نصرتكم) (٥)، وقال السديّ: (جرأتكم وحدّتكم وجلدكم).وقوله تعالى: {وَاصْبِرُوا؛} أي اصبروا على قتال المشركين ولا تولّوهم الأدبار، {إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ} (٤٦)، بالنصر والمعونة.


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ٨ ص ٢٣؛ قال القرطبي: ((فإن القلب لا يسكن عند اللقاء ويضطرب اللسان؛ فأمر بالذكر حتى يثبت القلب على اليقين، ويثبت اللسان على الذّكر، ويقول ما قاله أصحاب طالوت: رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ وهذه الحالة لا تكون إلا عن قوّة المعرفة، واتّقاد البصيرة، وهي الشجاعة المحمودة في الناس)).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٥٤٧) بلفظ: ((ريح الحرب)).وعن ابن زيد في الأثر (١٢٥٤٨)؛قال: ((الريح: النصر)).
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الاستسقاء: باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم [نصرت بالصّبا]:الحديث (١٠٣٥).ومسلم في الصحيح: كتاب الاستسقاء: الحديث (٩٠٠/ ١٧).
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل من قول النضر بن شميل والأخفش.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>