للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ؛} أي عادتهم في التكذيب بآيات الله كعادة آل فرعون، {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؛} من الأمم الماضية، {كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ؛} التي جاءت بها رسلهم، {فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا؛} أي وأهلكنا، {آلِ فِرْعَوْنَ} بالغرق خاصّة، {وَكُلٌّ؛} هؤلاء، {كانُوا ظالِمِينَ} (٥٤)؛لأنفسهم، مستحقّين العقوبة بسوء أعمالهم.

فإن قيل: لم كرّر آل فرعون؟ قيل: المراد بالأوّل أن هؤلاء جازاهم الله بالقتل والأسر، كما جوزي أولئك بالغرق والهلاك، والمراد بالثاني: أن صنع هؤلاء في النّعم التي أنعم الله عليهم كصنع آل فرعون فيما أعطاهم الله من الملك والعزّ في الدّنيا، فلما غيّر كلّ فريق النعم غيّر الله سبحانه ما بهم.

قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا؛} أي إن شرّ ما يدبّ على الأرض الذين جحدوا بتوحيد الله ونبوّة رسله، مصرّين على الكفر، {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}. (٥٥)

قوله تعالى: {الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ} نزلت في يهود بني قريظة، عاهدهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على أن لا يضرّوا به ولا يعينوا عليه عدوّا، فنقضوا العهد وأعانوا أهل مكّة بالسّلاح على قتال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثم قالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم مرّة أخرى، فركب كعب بن الأشرف إلى أهل مكّة، وواثقهم على حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقوله تعالى: {(عاهَدْتَ مِنْهُمْ)} أي معهم، قوله تعالى:

{وَهُمْ لا يَتَّقُونَ؛} (٥٦) أي لا يخافون الله في نقض العهد.

قوله تعالى: {فَإِمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (٥٧)؛معناه: فإما تصادفهم في الحرب، فافعل بهم فعلا من القتل والعقوبة والتّنكيل تعرف بهم من ورائهم من أعدائك. والتّشريد: التّبديد والتّفريق، ويقال: معنى (شرّد بهم) أي أسمع بهم بلغة قريش.

<<  <  ج: ص:  >  >>