للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتنفيل عليه، وقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا؛} هذا وعد من الله؛ أي يقوّي واحدا من المسلمين المنتصرين في الدّين على عشرة من الكفّار، ويقوّي مائة صابرة محتسبة على ألف من الكفّار.

وقوله تعالى: {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} (٦٥)؛أي ذلك النصر من الله لكم على الكفّار وخذلانهم بأنّكم تفقهون أمر الله وتصدّقونه فيما وعده من الثواب، والكفار لا يفقهون ذلك ولا يصدّقونه.

قال ابن عبّاس: (لمّا نزلت هذه الآية كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبعث المؤمنين على أن يقاتل الرّجل منهم العشرة من الكفّار، والمائة منهم الألف من الكفّار كما أمر الله، فلمّا أمر الله المسلمين بقتال الكفّار ببدر وكان فرض القتال على المسلمين كما ذكر الله في هذه الآية، شقّ ذلك على المسلمين، فأنزل الله تعالى:

قوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً؛} أي الآن هوّن الله عليكم القتال الذي فرضه عليكم وسهّل الأمر عليكم لتعرفوا فتشكروا، وعلم في الأزل أن في الواحد منكم ضعفا عن قتال العشرة، والمائة عن قتال الألف) (١).وقيل:

علم أنّ فيكم ضعفا في النّصرة في أمر الدّين.

قرأ عاصم وحمزة وخلف «(ضعفا)» بفتح الضاد، وقرأ الباقون بضمّها أي عجزا عما فرض عليكم، ومن قرأ «(ضعفا)» فمعناه شيوخا وضعافا، وقرأ أبو جعفر «(ضعفاء)» بضمّ الضاد وفتح العين والمدّ وهمزة من غير تنوين على جمع ضعيف مثل شركاء.

قوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ؛} أمر الله بأنّ الواحد يثبت للاثنين وضمن له النصر عليهما. قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ؛} أي بأمر الله، {وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ} (٦٦)؛أي


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٦٣٤ و ١٢٦٣٥) بسياق آخر. وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (٩١٣٨ و ٩١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>