للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ؛} بوفاء أجلهم، {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (٧)؛ لنقض العهد.

قوله تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً؛} أي كيف يكون لهم العهد، وقال الأخفش: (معناه: كيف لا يقاتلونكم وهم إن يظهروا عليكم لا يحفظوا فيكم قرابة ولا عهدا)،وقال قتادة: (الإلّ: الحلف)،قال السديّ: (هو العهد) (١) ولكنّه كرّره لما اختلف اللّفظان وإن كان معناهما واحد.

قال مجاهد: (الإلّ هو الله عزّ وجلّ) (٢) ومنه جبريل وميكائيل، فإنّ معناهما عبد الله. وأبو بكر لمّا سمع كلام مسيلمة قال: (هذا كلام ليس هو إلّ) (٣) أي لم يتكلّم به الله. وقرأ عكرمة «(إيلا)» بالياء يعني الله عزّ وجلّ، مثل جبريل وميكائيل (٤).

قوله تعالى: {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ؛} أي يتكلّمون بالعهد بأفواههم، {وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ؛} إلاّ نقض العهد، {وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ} (٨).أي متمادون في الكفر.

قوله تعالى: {اِشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً؛} أي اختاروا على القرآن عرضا يسيرا من الدّنيا، {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} (٩) فصرفوا الناس عن طاعة الله، فبئس العمل عملهم، وذلك أنّهم نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأكلة أطعمهم إيّاها أبو سفيان.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٨٢٥).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٨١٦).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٠٠٠٢).
(٣) في المخطوط: (وبال) وهو تصحيف. ينظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية: ص ٨٢٧: تفسير الآية. وعند البغوي في معالم التنزيل: ص ٥٤٢: تفسير الآية؛ قال: ((إن ناسا قدموا على أبي بكر من قوم مسيلمة الكذّاب، فاستقرأهم أبو بكر كتاب مسيلمة، فقرءوا، فقال أبو بكر: (إن هذا الكلام لم يخرج من إلّ)؛أي من الله)).
(٤) في جامع البيان: مج ٦ ج ١٠ ص ١١٠؛ قال القرطبي: (والإلّ: اسم يشتمل معان ثلاثة: وهي العهد والعقد، والحلف، والقرابة، وهو أيضا بمعنى الله. فإذا كانت الكلمة تشتمل هذه المعاني الثلاثة، ولم يكن الله خص من ذلك معنى دون معنى، فالصواب أن يعمّ ذلك كما عمّ بها جل ثناؤه معانيها الثلاثة، فيقال: لا يرقبون في مؤمن الله، ولا قرابة، ولا عهدا، ولا ميثاقا).

<<  <  ج: ص:  >  >>