للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً؛} فإن قيل: لم أعاد قوله تعالى: {(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً)؟} قيل: ليس هذا بإعادة؛ لأنّ الأول ورد في جميع الكفّار الذين نقضوا العهد، والثاني إنّما ورد في طائفة من اليهود الذين كانوا ينقضون العهد، فإنّ هذه الطائفة منهم الذين اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا؛ فإنّهم كانوا يكتمون صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشيء من المواكلة كانوا يأخذونها من سفلتهم، وكانوا يأخذون الرّشاء على الحكم الباطل، ويغيّرون أحكام الله التي أنزلها على أنبيائهم.

وقوله تعالى: {وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} (١٠)؛يعني في نقض العهد.

قوله تعالى: {فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ؛} أي فإن تابوا عن الكفر وقبلوا إقامة الصّلاة وإيتاء الزّكاة، فهم إخوانكم في دين الإسلام، {وَنُفَصِّلُ؛} ونأتي ب‍، {الْآياتِ؛} آية بعد آية، {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (١١)؛أمر الله وأحكامه.

قوله تعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ؛} أي نقضوا أيمانكم والحلف من بعد العهود التي عاهدتّهم أن لا يقاتلوك ولا يعينوا عليك ولا على حلفائك، {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ؛} الإسلام وعابوه، وذلك أنّهم قالوا: ليس دين محمّد بشيء، {فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ؛} أي رءوس الكفر، {إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ}.

قال ابن عباس: (نزلت في أبي سفيان والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وسائر رؤساء قريش الّذين ينقضون العهد، وهم الّذين همّوا بإخراج الرّسول) (١).وقال مجاهد: (هم أهل فارس والرّوم) (٢).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٨٣٢ و ١٢٨٣٣ و ١٢٨٣٧) عن قتادة. وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٠٠٢٢) عنه أيضا. والأثر (١٢٨٣١) عن ابن عباس من غير ذكر أسمائهم. وينظر: اللباب في علوم الكتاب: نقله عن ابن عباس أيضا. ومعالم التنزيل: ص ٥٤٢.
(٢) حكاه أهل التفسير؛ ينظر: معالم التنزيل: ص ٥٤٣.واللباب في علوم الكتاب: ج ١٠ ص ٣٤. ويقوي معناه أثر حذيفة رضي الله عنه قال: ((ما قوتل أهل هذه الآية بعد)).أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٨٣٨).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٠٠٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>