للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(حدّثني رجل كان في المشركين يوم حنين، قال: لمّا التقينا نحن وأصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم لم يقف لنا حلب شاة، فلمّا كشفناهم جعلنا نسوقهم حتّى انتهينا إلى صاحب البغلة الشّهباء-يعني-النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تلقّانا رجال بيض الثّياب حسان الوجوه، فقالوا:

شاهت الوجوه ارجعوا، فرجعنا وركبوا أكتافنا فكانت ايّاها) (١) يعني الملائكة.

وروي أن الملائكة قاتلت يومئذ، في الخبر: أنّ رجلا من بني نضر بن معاوية قال للمؤمنين وهو في أيديهم: أين الخيل البلق؟ والرجال عليهم الثياب البيض؟ ما كنّا نراكم فيهم إلاّ كهيئة الشّامة، وما كان قتلنا إلا بأيديهم، فأخبروا بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: [تلك الملائكة] (٢).

قال: فلما هرب أمير المشركين مالك بن عوف انهزم المشركون وولّوا مدبرين، وانطلق المسلمون حتى أتوا أوطاسا بها عيال المشركين وأموالهم، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المسلمين رجلا من الأشعريّين أمّره عليهم يقال له أبو عامر، فسار معهم إلى أوطاس فقاتل أهلها حتى هزمهم الله وسبى المسلمون عيال المشركين، وهرب مالك ابن عوف حتى أتى إلى الطائف فتحصّن بها، وأخذ ماله وأهله في من أخذ، وقتل أبو عامر رضي الله عنه. ثم أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطائف فحاصرهم بقيّة ذلك الشهر، فلما دخل ذو القعدة وهو شهر حرام لا يحلّ فيه القتال، رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الجعرانة فأحرم منها بعمرة، وقسّم بها السّبي والمال وغنائم حنين وأوطاس.

وتألّف أناس منهم أبو سفيان بن حرب، وسهل بن عمرو، والأقرع بن حابس، فأعطاهم وجعل يعطي الرجل منهم الخمسين والمائة من الإبل، فقال طائفة من الأنصار: منّ الرجل وآثر قومه بالعجب، إنّ أسيافنا تقطر من دمائهم وغنائمنا تردّ عليهم. فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجمعهم وقال: [يا معشر الأنصار ما هذا الّذي بلغني عنكم؟] فقالوا: هو الّذي بلغك، وكانوا يكذبون، فقال: [ألم تكونوا ضلاّلا فهداكم الله بي؟ وكنتم أذلّة فأعزّكم الله بي؟ وكنتم وكنتم؟].


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٨٨٢) عن سعيد مختصرا، والأثر (١٢٨٨١) عن عبد الرحمن مولى أم برثن.
(٢) ينظر: معالم التنزيل: ص ٥٤٨،وزاد فيه: أن اسم الرجل (شجرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>