للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان العبّاس ينادي: يا معشر المهاجرين، أين الّذين بايعوا تحت الشّجرة، يا معشر الّذين آووا ونصروا، هلمّوا فإنّ هذا رسول الله. وكان العبّاس صيّتا جهوريّ الصّوت، يروي أنّه من شدّة صوته أنّه أغير يوما على مكّة فنادى وا صبحاه، فأسقطت كلّ حامل سمعت صوته.

فلمّا صاح بالمسلمين عطفوا حين سمعوا صوته عطفة البقر على أولادها، وقال: لبّيك لبّيك، وجاءوا عنقا واحدا لنصر دين الله، وأقبل المشركون ليطفئوا نور الله، فأنزل الله تعالى من السّماء جنودا لم تروها وعذّب الّذين كفروا وأظهر المسلمين عليهم، وحمي الوطيس، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على بغلته يتطاول إلى قتالهم، ثمّ أخذ كفّا من الحصى فرماهم به وقال: [شاهت الوجوه، انهزموا ورب الكعبة] فو الله ما زال أمرهم مدبرا وجدّهم كليلا، وهرب حينئذ آمرهم مالك بن عوف) (١).

وقال أبي اسحاق: (قلت للبراء (٢):هل كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين ولّى المسلمون معهم مولّيا؟ قال: لا والّذي لا إله إلاّ هو، ما ولّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دبرا قطّ، ولقد رأيته على بغلته البيضاء يركض نحو الكفّار وهو يقول: [أنا النّبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطّلب] ثمّ قال للعبّاس: [ناد يا معشر الأنصار، يا معشر المهاجرين] فعطف المسلمون عليه مسرعين، فأنزل الله جنده ونصر عبده وهزم المشركين ونصر المسلمين) (٣).

قال سعيد بن جبير: (أمدّ الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بخمسة آلاف ملك)،وقال الحسن ومجاهد: (كانوا ثمانية آلاف)،قال قتادة: (كانوا ستّة عشر ألفا)،وقال سعيد بن جبير:


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٨٧٤ و ١٢٨٧٥) عن قتادة، والأثر (١٢٨٧٦) عن السدي، والأثر (١٢٨٧٧) عن كثير بن عباس، والأثر (١٢٨٧٨) عن سعيد بن المسيب. والحديث أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الجهاد: الحديث (١٧٧٥/ ٧٦).
(٢) عند البخاري في الصحيح: (قال رجل للبراء: ... ) في الحديث (٢٨٦٤ و ٢٨٧٤ و ٢٩٣٠).
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الجهاد: باب من قاد دابة غيره في الحرب: الحديث (٢٨٦٤).ومسلم في الصحيح: كتاب الجهاد: باب في غزوة حنين: الحديث (١٧٧٦/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>