للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً؛} وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج من مكّة بعد ما فتحها، وكان انفتاحها في بقيّة أيّام رمضان، فمكث بها حتّى دخل شوّال متوجّها إلى حنين، وبعث رجلا من بني سليم عينا له يقال له عبد الله بن أبي حدرد، فأتى حنينا فكان بينهم يسمع أخبارهم، فسمع مالك بن عوف يقول لأصحابه: أنتم اليوم أربعة آلاف رجل، فإذا لقيتم العدوّ فاحملوا عليهم حملة رجل واحد، فو الله لا تضربون بأربعة آلاف سيف شيئا إلاّ أفرج لكم. وكان مالك بن عوف على هوازن، وكنانة بن عبد ياليل على ثقيف، فأقبل ابن أبي حدرد حتّى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره بمقالتهم، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متوجّها إليهم في عشرة آلاف رجل، كذا قال الكلبيّ.

وقال مقاتل: (كانوا أحد عشر ألفا وخمسمائة) (١)،وقال قتادة: (خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حنين لقتال هوازن وثقيف في اثنى عشر ألفا من المهاجرين والأنصار، وألفين من الطّلقاء، فقال رجل من المسلمين يقال له سلمة بن سلامة (٢):يا رسول الله لا نغلب اليوم من قلّة، فساءت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلمته وابتلى الله المسلمين بذلك، فلمّا التقوا حمل العدوّ عليهم حملة واحد، فلم يقوموا لهم حلب الشّاة أن انكشفوا وتبعهم القوم في أدبارهم.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث يقود به، والعبّاس أخذ بالثّغر، وحول رسول الله يومئذ نحو من ثلاثمائة رجل من المسلمين وانهزم سائر المسلمين عنه، فجعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يركّض بغلته نحو الكفّار لا يأل، وكانت بغلته شهباء وهو ينادي: [يا معشر المهاجرين ويا معشر الأنصار إليّ، أين أصحاب الصّفّة] أي أصحاب سورة البقرة.


(١) في تفسير مقاتل بن سليمان: ج ٢ ص ٤٢.
(٢) سلمة بن سلامة بن وقش الأشهلي الأنصاري، الصحابي، شهد العقبة الأولى والعقبة الآخرة والمشاهد كلها، واستعمله عمر على اليمامة؛ وتوفي سنة خمس وأربعين بالمدينة وهو ابن سبعين سنة. ترجم له ابن عبد البر في الاستيعاب: الرقم (١٠٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>