للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَمّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ؛} أي لما جاء أمرنا بعقاب قوم هود بالرّيح العقيم، نجّينا هودا والمؤمنين به من ذلك العقاب، {بِرَحْمَةٍ مِنّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ} (٥٨)؛يحتمل أن يكون المراد: أن نجّاهم من الريح العقيم، إلا أنه أعاد ذكر النجاة للتأكيد وتفخيم الحال. ويحتمل أن يكون معناه: كما نجّينا المؤمنين ممّا عذّب به عاد في الدّنيا، فكذلك نجّيناهم من عذاب الآخرة.

قوله تعالى: {وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ؛} أي كذبوا بدلائل الله الدالّة على وحدانيّته وصدق أنبيائه، وعصوا هودا ومن قبله ومن بعده؛ لأنه عليه السّلام أرسل بتصديق من قبله وبالبشارة لمن بعده، فلما كذبوه فقد كذبوا الرّسل كلّهم. قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ} (٥٩)؛أي أمر كلّ طاغ عات معرض عن الله،

قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً؛} أي أتبعوا بعد الهلاك في هذه الدّنيا بالإبعاد عليهم باللّعن، فلعنتهم الملائكة والناس ما دامت الدّنيا.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ؛} أي ويوم القيامة يبعدون من رحمة الله كما أبعدوا في الدّنيا. قوله تعالى: {أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ؛} أي جحدوا، {أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ} (٦٠)؛أي أبعدهم الله من رحمته إبعادا. وفي هذا تهديد للكفار، كأنّه تعالى قال: انظروا يا أهل مكّة كيف فعلت عاد وكيف فعل بهم، فاحذروا أن يصيبكم مثل ما أصابهم.

قوله تعالى: {*وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً؛} في النّسب، {قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ؛} أي أنشأ آباءكم كما قال في آية أخرى {خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ} (١)، {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها؛} أي المراد أن تكونوا عمّار الأرض وسكّانها، فمكّنكم من عمارتها وأحوجكم إلى المسكن فيها. وقال مجاهد: (معناه: أعمرها لكم مدّة أعماركم) (٢) من العمرى، وهي الهبة الّتي يهبها الرّجل لغيره على أن تكون للموهوب له مدّة حياته، ثمّ يرجع إلى الواهب.


(١) الروم ٢٠/،وغيرها.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤١١١) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>