للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: معناه: ضاق بهم وسعا. وكان لوط ضاق وسعه بهم أن يحفظهم. وفي الخبر: أنه جعلهم فيما بين مواشيهم، فلما كان في وقت غفلة الناس حملهم إلى داره، فذهبت امرأته الخبيثة وأخبرتهم، وقالت لهم: إنه قد نزل عند لوط أضياف لم ير قط أحسن وجوها منهم، ولا أطيب ريحا، ولا أنظف ثيابا.

قوله تعالى: {وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ} وذلك أنّ امرأة لوط لمّا أخبرتهم بأضيافه، جاءوا إلى داره يسرعون إليه، ويهرولون هرولة، والإهراع: مشي بين مشيتين، ومن قبل ذلك كانوا يعملون المعاصي، وهي ما كانوا يعملون من الفاحشة مع الذّكور، فإنّهم كانوا يعملون ذلك من دون أن يخفي بعض عن بعض.

{قالَ:} لهم لوط عليه السّلام: {يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ؛} عرض عليهم بناته نكاحا، وأظهر من نفسه في صونهم ما لا شيء أبلغ منه، أظهر الكرامة في باب الأضياف، فذكر بناته ليدلّ بذلك على التشديد في دفعهم عمّا أرادوا.

فكان يجوز في ذلك الوقت تزويج المسلمة من الكافر، كما كان يجوز في شريعتنا في ابتداء الإسلام، فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم زوّج ابنته من ابن العاص بن الرّبيع. ويقال: أراد بقوله (بناتي) بنات قومه؛ لأن النبيّ يكون للقوم بمنزلة الوالد.

قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي؛} أي اتّقوا عقاب الله، ولا تلزموني عيبا في ضيفي، {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} (٧٨)؛في نفسه فينزجر عن هذا الأمر، ويزجركم عنه.

قوله تعالى: {قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ} (٧٩)؛أي ميلنا إلى الغلمان دون النّساء،

قوله تعالى: {قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً؛} أدفعكم بها عن أضيافي، ويمكنني، {أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (٨٠)؛إلى قبيلة أستغيث بها على دفعكم لمنعتكم أشدّ المنع عما تحاولون.

<<  <  ج: ص:  >  >>