للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: [رحم الله أخي لوط لقد آوى إلى ركن شديد] (١) أي التجأ إلى الله وملائكته، وقال ابن عبّاس: (فلمّا علم جبريل والملائكة خوف لوط من تهديد قومه، وقد كان لوط أغلق الباب على نفسه وعلى الملائكة وهو يناشد قومه، قال له جبريل: يا لوط إنّ ركنك لشديد، وإنّهم آتيهم عذاب غير مردود) (٢).

قوله تعالى: {قالُوا يا لُوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ؛} فافتح الباب ودعنا وإيّاهم، ففتح الباب فدخلوا، فقام جبريل في الصّورة التي يكون فيها في السّماء، فنشر جناحه وضرب به وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم، فصاروا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلى بيوتهم.

فقال لوط عليه السّلام متى موعد هلاكهم؟ قالوا: الصّبح، قال: أريد أسرع من ذلك، فقالوا: أليس الصّبح بقريب؟ وذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ} (٣).

ثم قالوا له: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ؛} وفيه قراءتان «(فأسر)» بالهمز والوصل، يقال سرى وأسرى بمعنى واحد، قوله تعالى: {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ؛} أي في آخر الليل عند السّحر والهدوء، وقال الضحّاك: (بقطع أي ببقيّة)،وقال قتادة: (بعد ما مضى صدره)، {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ}.

قرأ ابن كثير وأبو عمرو «(امرأتك)» رفعا على الاستثناء من الالتفات؛ أي ولا يلتفت أحد إلا امرأتك، فإنّها تلتفت فتهلك. وقرأ الباقون بالنصب على الاستثناء من الإسراء؛ أي فاسر بأهلك إلا امرأتك فلا تسر بها وخلّفها مع قومها. قوله تعالى:

{إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ؛} ظاهر المعنى.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٤٢٠٢) بأسانيد ثمانية عن أبي هريرة رضي الله عنه. والإمام أحمد في المسند: ج ٢ ص ٣٨٤.والترمذي في الجامع: سورة يوسف: الحديث (٣١١٦) مكررا وحسنه. والحاكم في المستدرك: ذكر لوط النبي: الحديث (٤١٠٨)،وقال: صحيح على شرط مسلم.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٢١١) عن وهب بن منبه.
(٣) القمر ٣٧/.

<<  <  ج: ص:  >  >>