للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ؛} أي قالت الملائكة: إن وقت هلاكهم، {الصُّبْحُ؛} فقال لوط: الآن يا جبريل، وإنما ذلك لضيق صدره منهم وشدّة غيظه، فقال جبريل: {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (٨١)؛وفي هذا بيان أنّ الله لا يهلك أحدا قبل انقضاء مدّته، وإن ضاقت صدور أوليائه عنه.

وعن ابن عبّاس: (أنّ جبريل لمّا قال للوط: فاسر بأهلك بقطع من اللّيل، قال لوط: يا جبريل كيف أصنع وأبواب المدينة قد أغلقت، فجمع له جبريل أهله وبقره وغنمه وماله، واحتملهم على جناحه حتّى أخرجهم من المدينة، فانطلق بهم متوجّها إلى صغر، وهي على أربعة فراسخ من مدائن لوط، وهي إحدى القرى الخمس:

سدوم وداد وماو وعامورا وصغر، ولم يكن أهل صغر يعملون عملهم، وكان في كلّ مدينة ألف مقاتل، فما سار لوط فرسخين حتّى سمع الصّيحة) (١).

كما روي أنّ جبريل عليه السّلام جعل جناحه في أسفلها فرفعها من الأرض السّابعة إلى السّماء حتى سمع أهل السّماء نباح الكلاب وصياح الدّيكة، ثم قلبها وجعل أسفلها أعلاها، وأعلاها أسفلها، وأقبلت تهوي من السّماء إلى الأرض، فذلك قوله تعالى: {فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ؛} قال وهب: (لمّا رفعت إلى السّماء أمطر الله عليها حجارة الكبريت بالنّار، ثمّ قلبت عليهم).

قوله تعالى: {(وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ)} قيل: أمطر الله الحجارة على شذاذهم ومسافريهم. واختلفوا في السّجّيل، فقيل: هو فارسية معرّبة، وفيه بيان أن تلك الحجارة كانت شديدة صلبة، نحو ما يطبخ من الطّين فيصير كالآجرّ وأصلب منه، يدلّ عليه قوله تعالى: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ} (٢).وقال بعضهم: هو من سجيل وهو الإرسال، فيكون معناه: حجارة مرسلة، ويقال: السّجّيل: سماء الدنيا، وقيل: السجّيل والسّجّين: الشديد من الحجر.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٢٠٩) عن قتادة مختصرا.
(٢) الذاريات ٣٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>