للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نوح من الغرق، {أَوْ قَوْمَ هُودٍ؛} من الرّيح العقيم، {أَوْ قَوْمَ صالِحٍ؛} من الصّيحة، {وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} (٨٩)؛أي قد بلغكم ما أصابهم وهم أقرب إليكم ممن تقدّمهم. يجوز أن يكون المراد بذلك قرب زمانهم، ويجوز أن يكون المراد به قرب ديارهم منهم، وكلّ ذلك أقرب إلى الاعتبار.

قوله: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ؛} اي استغفروه من الشّرك والذنوب، ثم توبوا إليه بإخلاص، {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ} بعباده، {وَدُودٌ} (٩٠) متودّد بالنّعم وقبول التوبة.

قوله تعالى: {قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمّا تَقُولُ؛} أي ما نفهم كثيرا مما تقول، قال ابن الأنباريّ: (معناه ما نفقه صحّة كثير ممّا تقول، يعنون من التّوحيد والبعث، وما يأمرهم به من الزّكاة وترك البخس، والفقه في اللّغة هو استدراك معنى الكلام).

قوله تعالى: {وَإِنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً؛} قال ابن عبّاس: (أرادوا بالضّعف أنّه ضرير البصر) (١)،وقال ابن جبير: (معناه إنّا لنراك أعمى) (٢)،وقد روي أنه كان قد ذهب بصره من كثرة بكائه من خشية الله تعالى. وفي بعض الرّوايات: أنه عمي ثلاث مرّات، وكان الله تعالى يردّ عليه بصره حتى أوحى إليه: يا شعيب ما هذا البكاء؟ قال: شوقا إليك يا رب. وسئل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن شعيب قال: [ذاك خطيب الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين] (٣).

قوله تعالى: {وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ؛} أي ولولا عشيرتك لقتلناك بالحجارة، {وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ} (٩١)؛أي إنا لا ندع قتلك لعزّتك علينا، ولكن لأجل قومك. والمعنى: لست تمتنع علينا أن نقتلك لولا ما نراعي من حقّ عشيرتك.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١١١٦٠) عن ابن عباس. والطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٢٧١) عن سعيد بن جبير.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٢٦٩).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٧٢١): قال سفيان: (وكان يقال له خطيب الأنبياء).

<<  <  ج: ص:  >  >>