قوله تعالى:{قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ؛} أي إنّكم تزعمون أنّكم تتركون قتلي إكراما لرهطي والله تعالى أولى بأن يتّبع أمره؛ أي إنّكم تركتم قتلي لأجل عشيرتي، ولا تتركونه لأجل الله، قوله تعالى:{وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا؛} أي نبذتم أمر الله وراء ظهوركم، والظّهريّ: ما نبذه الإنسان وراء ظهره، {إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}(٩٢)؛أي عليم، لا يعزب عنه علم شيء.
قوله تعالى:{وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ؛} أي اعملوا على دينكم إنّي عامل على ديني، وهذا على سبيل التّهديد والوعيد، والمكانة والمكان بمعنى واحد. قوله تعالى:{سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ؛} أي يذلّه ويهينه، وتعلمون {وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ،} على الله، {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}(٩٣)؛أي انتظروا إنّي منتظر معكم.
قوله تعالى:{وَلَمّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا} أي نجّينا شعيبا من ذلك العذاب، ونجّينا الذين آمنوا معه برحمة منّا، {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ؛} يعني من قوم شعيب.
يقال: إنّ جبريل صاح بهم صيحة، فخرجت أرواحهم من أجسادهم، {فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ}(٩٤)؛أي ميّتين ساقطين صرعى. وقيل: بل واقفين على ركبهم،
{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها؛} أي كأن لم يكونوا في الأرض قطّ.
قوله تعالى:{أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ}(٩٥)؛معناه: ألا سحقا وهلاكا لقوم شعيب كما هلكت ثمود، وإنما شبّههم بثمود؛ لأن الصيحة كانت سببا في هلاك الفريقين جميعا.
قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ مدين أصابهم حرّ شديد، ولم تتحرّك الرّيح ليلا ولا نهارا، فكان يحرقهم باللّيل حرّ القمر، وبالنّهار حرّ الشّمس، فنشأت لهم سحابة كهيئة الظّلّة فيها عذابهم، فأتوها يستظلّون تحتها ويطلبون الرّوح، فسال عليهم العذاب من فوقهم، ورجفت الأرض من العذاب وأحرقتهم السّحابة، وذلك قوله