للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} (٩٩)؛بئست اللعنة على إثر اللعنة، ترادفت عليهم اللّعنات الغرق في الدنيا والنار في الآخرة.

والرّفد في اللغة: هو العون في الأمر إلا أن العطية تسمّى رفدا لما فيها من العون، كأنّه قال: بئس العطاء ما أعطى. وقال بعضهم: هذا من المقلوب؛ أي بئس الرّدف المردوف، فالرّدف: لعنة الله إياهم، والمردوف لعنة الأنبياء والمؤمنين.

قوله تعالى: {ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ؛} أي ذلك الذي ذكرت يا محمّد من أخبار الأمم الماضية ينزل به عليك جبريل عليه السّلام نقصصهم عليك مرّة بعد مرة، مأخوذ من إتباع الشيء الشيء.

قوله تعالى: {مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ} (١٠٠) أي منها قائم الأبنية وقد باد أهله كما قال تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} (١)،والحصيد ما هلك بأهله فلا يبقى له مكان ولا أثر نحو مدائن قوم لوط حصدت من الأرض السّفلى. والمعنى منها قائم بقيت حيطانه ومنها حصيد مخسوف به قد أمحي أثره، قال ابن عبّاس: (قائم ينظرون إليه وإلى ما بقي من أثره، وحصيد قد خرب ولم يبق له أثر شبيه بالزّرع إذا حصد).

قوله تعالى: {وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ؛} أي ما ظلمناهم بإهلاكهم، ولكن ظلموا أنفسهم بسوء اختيارهم، {فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ؛} أي فما نفعتهم آلهتهم، {الَّتِي يَدْعُونَ؛} التي كانوا يعبدونها، {مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} (١٠١)؛أي تخسير ومنه: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (٢) أي خسرت يداه وخسر هو.

قوله تعالى: {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ؛} معناه:

كما أخذ ربّك فرعون ومن تقدّمه من الكفار، فكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي كافرة. قوله تعالى: {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (١٠٢)؛ظاهر المعنى. وقوله تعالى:

{(وَهِيَ ظالِمَةٌ)} من صفة القرى وهي في الحقيقة لأهلها وسكانها، ونحو هذا قوله {وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً} (٣).


(١) الحج ٤٥/
(٢) المسد ١/.
(٣) الأنبياء ١١/.

<<  <  ج: ص:  >  >>