واختلف العلماء لم سميت بأحسن القصص من بين الأقاصيص، فقيل:
سماها أحسن القصص؛ لأنه ليس قصّة في القرآن تتضمّن من العبرة والحكم والنكت ما يتضمّن هذه القصة. وقيل: سماعا أحسن القصص لامتداد الأوقات في ما بين مبتدئها إلى منتهاها. قال ابن عبّاس:(كان بين رؤيا يوسف ومسيراته وإخوانه أربعون سنة).
وقيل: سمّاها أحسن القصص؛ لأنّ فيها ذكر الأنبياء والملائكة والصالحين، والإنس والجنّ والأنعام والطير، والملك والمماليك والبحار، والعلماء والجهّال، والرجال والنساء وحيلهنّ ومكرهن، وفيها أيضا ذكر التوحيد والفقه والسير، وتعبير الرّؤيا والسياسة والمعاشرة والتدبير والمعايش، فصارت أحسن القصص لما فيها من المعاني الجزيلة والفوائد الجليلة التي تصلح للدنيا. وقيل: أحسن القصص بمعنى أعجب (١).
وقيل: أراد بأحسن القصص جميع القصص التي في القرآن، فإنّ الله تعالى ذكر في القرآن أخبار الأمم الماضية، وحال رسلهم عليهم الصّلاة والسّلام، وذكر جميع ما يحتاج العباد إليه إلى يوم القيامة بأعذب لفظ في أحسن نظم وترتيب.
قوله تعالى: {(بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ)} أي أوحينا إليك هذا القرآن. قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ}(٣)؛أي وقد كنت من قبل نزول جبريل عليك بالقرآن غافلا عن قصّة يوسف وعن الحكمة فيها.
قوله تعالى:{إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً؛} الآية متّصلة بما قبلها، فإنّ معناه: نحن نقصّ عليك أحسن القصص، إذ قال يوسف لأبيه. قرأ طلحة بن مصرف «(يوسف)» بكسر السين، ثم قرأ ابن عبّاس «(يا أبت)» بفتح التاء في جميع القرآن، وأصله على هذا يا أبتا، ثم حذفت الألف، وأبقى فتحة دلالة عليها، قال رؤبة:
تقول بنتي قد أنى أناكا ... يا أبتا علّك أو عساكا
(١) أدرج الناسخ هنا عبارة: (كذا في تفسير الثعلبي).وقد نقله الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٥ ص ١٩٧.