للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اختلف فيما عناه في هذه اللام التي في قوله تعالى: {(فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً)} قال بعضهم: معناه: فيكيدوك واللام صلة كقوله تعالى: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (١)،وقال بعضهم: هو مثل قولهم: نصحتك ونصحت لك وأشباهه.

قوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (٥)؛أي إنّ الشيطان عدوّ ظاهر العدوان لبني آدم، فلا تذكر رؤياك لإخوتك؛ لئلا يحملهم الشيطان على الحسد وإنزال الضّرّ بك.

وهذا أصل في جواز ترك إظهار النّعمة عند من يخشى حسده وكيده، وإن كان الله تعالى قال: {وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (٢)،وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:

[استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإنّ كلّ ذي نعمة محسود] (٣).

قوله تعالى: {وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ؛} أي مثل ما رأيت من سجود الشمس والقمر والكواكب، كذلك يصطفيك ربّك ويختارك، {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ؛} قيل: معناه: من تأويل الرّؤيا لأنّ فيه أحاديث الناس عن رؤياهم.

وقيل: معناه: أفهمك عواقب الأمور والحوادث. ويقال: يعلّمك الشرائع التي لا تعلم إلا من قبل الله تعالى.

قوله تعالى: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ؛} أي يتمّ نعمته عليك بالنبوّة كما أتمّ النعمة؛ قوله تعالى: {كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ؛} أي يتمّ النعمة أيضا على أولاد يعقوب بك؛ لأن ذلك يكون سرّ حالهم؛ أي تكون النبوّة فيهم، {إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (٦)،في أفعاله.


(١) الأعراف ١٥٤/.
(٢) الضحى ١١/.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٢٠ ص ٧٨:الحديث (١٨٣) عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل. وفي الأوسط: ج ٣ ص ٢٢٦:الحديث (٢٤٧٦).وفي المعجم الصغير: ج ٢ ص ٢٩٢:الحديث (١١٨٦).وفي مجمع الزوائد: ج ٨ ص ١٩٥:البر والصلة: باب كتمان الحوائج؛ قال الهيثمي: ((رواه الطبراني في الثلاثة، وفيه سعيد بن سلام العطاء، قال العجلي: لا بأس به. وكذبه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات، إلا خالد بن معدان لم يسمع من معاذ)). وللحديث شواهد كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>