للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ؛} أي فأجابه ربّه في دعائه فصرف عنه كيدهن، وعصمه من الفواحش، {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٣٤) لدعاء عباده، العليم بضمائرهم ونياتهم.

قوله تعالى: {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتّى حِينٍ} (٣٥) أي بدا للعزيز وأصحابه من بعد ما رأوا العلامات من شقّ القميص وقطع الأيدي وقضاء ابن عمّها عليها، أن يحبسه إلى مدّة حتى تنقطع مقالة الناس، ويأتي على هذا الحديث مدّة، فحبسه بعد ظهور عذره خمس سنين.

قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ؛} روي: أنه دخل على يوسف بعد دخوله الخمس سنين عبدان للملك، وهو صاحب شرابه وصاحب طعامه، غضب عليهما الملك، واتّهم صاحب الطعام أنه يريد أن يسمّه، وصاحب الشّراب بأنه مالأه على ذلك، وذلك أنّ أعداء الملك أرادوا المكر بالملك واغتياله، فطلبوا هذين وضمنوا لهما مالا ليسمّا طعام الملك وشرابه، فأبى السّاقي وقبل الخبّاز الرّشوة فسمّ الطعام.

فلمّا حضر وقته قال السّاقي: أيّها الملك لا تأكل فإنه مسموم، وقال الخباز: أيّها الملك لا تشرب فإنه مسموم. فقال الملك للسّاقي: اشرب، فشرب فلم يضرّه، وقال للخباز: كل من طعامك فأبى، فجرّبه الملك على دابّة فأكلت من الطعام فماتت، فأمر الملك بحبسهما.

وكان يوسف قد قال لأهل السّجن لمّا دخله: إنّي أعبر الأحلام، فقال أحد هذين القيمين لصاحبه: هلمّ فلنجرّب هذا العبد العبرانيّ برؤيا له، فسألاه من غير أن يكونا رأيا شيئا. قال ابن مسعود: (ما رأيا شيئا إنّما كانا تحالما عليه ليجرّبا علمه) (١).

وقال قوم: كانا رأياها على حقيقة ويقين، فقال السّاقي: أيّها العالم إنّي رأيت كأنّي في بستان وإذا بكرة عليها ثلاثة عناقيد فجنيتها، وكأنّ كأس الملك بيدي


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٧٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>