للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعصرتهم فيه وسقيت الملك فشربه، وقال الخبّاز: إنّي رأيت كأنّ فوق رأسي ثلاث سلال من خبز وألوان الأطعمة فإذا سباع الطير تنهشه.

وإنما سمي العنب باسم الخمر لأن الشيء يسمّى بما يؤول إليه، وقال الضحّاك:

(الخمر هو العنب) (١) بعينه بلغة عمان، يدلّ عليه قراءة ابن مسعود «(إنّي أراني أعصر عنبا)».قال الأصمعيّ: (أخبرني المعتزّ أنّه لقي أعرابيا معه عنب، فقال: ما معك؟ قال: خمر).

قوله تعالى: {نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ؛} أي أخبرنا بتفسيره وتعبيره، وما يؤول إليه أمر هذه الرّؤيا، {إِنّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (٣٦)؛أي العالمين الذين أحسنوا العلم. وقيل: من المحسنين إلينا إن قلت ذلك وفسّرت رؤيانا. وعن الضحّاك في قوله تعالى: {(إِنّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)} قال: (كان إحسانه إذا مرض رجل في السّجن قام عليه، وإذا أضاق وسّع عليه، وإذا احتاج سأل له) (٢).وقيل: إحسانه أنه كان يداوي مريضهم، ويعزّي حزينهم.

قال (٣): (فكره يوسف أن يعبر لهما لما علم فيه من المكروه على أحدهم، فأعرض عن سؤالهما وأخذ في غيره)

و {قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما؛} أي لا يأتيكما طعام تطعمانه وتأكلانه إلاّ نبّأتكما بتفسيره ولونه أيّ طعام أكلتموه، قالا له: هذا من فعل الكهنة، قال: ما أنا بكاهن وإنما: {ذلِكُما مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ} (٣٧).

قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي؛} أي شريعة آبائي، {إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ} (٣٨)؛وباقي الآية ظاهر المعنى.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٧٤٩).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٧٥٣).
(٣) القائل هو الضحاك؛ لما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>