للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التمس من النّاجي منهما أن يذكره عند ربه، وكان من حقّه أن يتوكّل على الله في ذلك. قوله تعالى: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} (٤٢)؛والبضع ما بين الثّلاث إلى التسع.

وفي الخبر: أنه يبقى في السجن بعد هذا القول سبع سنين. وعن الحسن: عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: [رحم الله أخي يوسف لو أنّه ذكر ربّه، ولم يستغث بالملك لم يلبث في السّجن ما لبث] قال: ثمّ بكى الحسن وقال: (نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى النّاس) (١).

وقال مالك بن دينار: (لمّا قال يوسف للسّاقي: اذكرني عند ربك، قيل له: يا يوسف أتّخذت من دوني وكيلا، لأطيلنّ حبسك، فبكى يوسف وقال: يا رب أنسى قلبي كثرة البلوى) (٢).

ويحكى: أنّ جبريل عليه السّلام دخل على يوسف السجن، فلمّا رآه يوسف عرفه وقال: يا أخا المنذرين، ما لي أراك بين الخاطئين؟ فقال له جبريل: ربّك يقرؤك السّلام ويقول لك: ما استحييت منّي إذ استشفعت بالآدميّين! فو عزّتي لألبثنّك في السجن بضع سنين، قال يوسف: أهو عنّي في ذلك راض؟ قال: نعم، قال: إذا لا أبالي.

قوله تعالى: {وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ؛} روي أن يوسف مرض في السجن، فأمر الله جبريل أن يعوده، فعاده فعرفه لكثرة اختلافه إلى آبائه، فقال له جبريل: يا طاهر بن الطاهر، ربّ العزّة يقول لك: من حبّبك إلى أبيك من بين إخوتك؟ قال: هو، قال: فمن أنقذك من أيدي إخوتك؟ قال: هو، قال: فمن سهّل لك السّيارة في الأرض القفر حتى أخرجوك من قعر البئر؟ قال: هو.

ثم نشر جبريل جناحه، وأشار إلى الأرض فانفرجت، قال: يا يوسف انظر ما ترى؟ قال: أرى هو، ثم أشار إلى الأرض ثانية فانفرجت كلها حتى نظر يوسف إلى


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٤٧٧٨).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٤٧٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>