قوله تعالى:{لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى؛} فيه بيان الذي يبقى مما تقدّم ذكره فهو مثل لمن يستجيب لربه، والذي يذهب جفاء هو مثل لمن لا يستجيب. والمراد ب (الحسنى) في الآية الجنّة ونعيمها.
وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ؛} أي الذين لم يستجيبوا لربهم إلى الإيمان، {لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً؛} من الذهب وسائر الأموال، {وَمِثْلَهُ مَعَهُ؛} وضعفه معه، {لافْتَدَوْا بِهِ؛} لفادوا به أنفسهم من عذاب الله يوم القيامة لو قبل منهم ذلك ولكن لا يقبل.
قوله تعالى:{أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ؛} أي شدّته، والمناقشة فيه، قال إبراهيم النخعي:(هو أن يؤاخذوا بذنوبهم كلّها من دون أن يغفر لهم شيء منها)(١).قوله تعالى:{وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ؛} أي مصيرهم في الآخرة جهنّم، {وَبِئْسَ الْمِهادُ}(١٨)؛أي المأوى، يتقلّبون في النار ويقعدون ويضطجعون عليها.
قوله تعالى:{*أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى} معناه: أفمن يعلم إنما أنزل إليك من القرآن أنه الحقّ فآمن به، كمن هو كافر يعلم.
ثم وصفهم فقال:{الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ}(٢٠) يريد بالعهد الذين عاهدتم عليه في صلب آدم.
قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ؛} قيل: المراد به مواصلة المؤمنين فيما بينهم بالموالاة وصلة الرّحم بالبرّ والشّفقة، وقيل: أراد بذلك الإيمان بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم وجميع الرسل، {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ؛} أي عقاب ربهم، {وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ}(٢١)؛ أي يخافون أن يؤاخذوا بالعقاب.
قوله تعالى:{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ؛} معطوف على قوله {(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ)} ومعناه: الذين صبروا على أداء الفرائض واجتناب المحارم