للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{السَّيْلُ زَبَداً رابِياً} أي عاليا مرتفعا على الماء، والسّيل ما يسيل من الموضع المرتفع.

قوله تعالى: {وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ؛} أي ومما تطرحون في النار من الذهب والفضّة لطلب حلية تلبسونها زبد؛ أي خبث مثل زبد الماء. قوله تعالى: {أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ؛} أراد به الحديد والرصاص وما يشاكله مما يوقد عليه في النار؛ لاتّخاذ المتاع له زبد؛ أي خبث مثل ذلك الماء.

قوله تعالى: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ؛} أي هكذا يضرب الله مثل الحقّ والباطل، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً؛} أما زبد هذه الأشياء، فيذهب ناحية لا ينتفع به، فإن زبد الماء يتعلّق بأصول الأشجار وجنبات الوادي.

والجفاء: ما رمى به الوادي، وجفاه في جنباته، يقال: أجفأت القدر زبدها إذا قذفت به، وكما أنّ زبد الماء يذهب بحيث لا ينتفع به، كذلك خبث الذهب والفضة والحديد، {وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.

قوله تعالى: {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ} (١٧)؛للناس في أمر دينهم، كما ضرب لكم المثل، قال قتادة: (هنّ ثلاثة أمثال ضربها الله في مثل واحد، يقول: كما أنزل الله من السّماء ماء، فسالت أودية بقدرها، الصّغير على الصّغير على مقداره، والكبير على مقداره، كذلك أنزل الله القرآن، فاحتمل القلوب على قدرها، ذا اليقين على قدر يقينه، وذا الشّكّ على قدر شكّه).

قال: (ثمّ شبّه خطرات ووساوس الشّيطان بالزّبد يعلو على الماء، وذلك من خبث البرّيّة لا عين الماء، كذلك ما يقع في النّفس من وهم وشكّ فهو ذات النّفس لا من الحقّ).

قال: (ثمّ بيّن أنّ الزّبد يذهب جفاء؛ أي هباء باطلا ويبقى صفو الماء، كذلك يبطل الشّكّ وسوء الخطرات ويبقى الجوف كما هو، وكذلك ما يوقد عليه في النّار لمنافع النّاس يبطل زبده وخبثه ويبقى خالصه وصفوه، كذلك الباطل يذهب ويبقى الحقّ) (١).


(١) ينظر: جامع البيان: الأثر (١٥٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>