قوله تعالى:{وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ؛} أي بلغتهم ليبيّن لهم ما أمروا به ونهوا عنه، فيفهموا ويتعلّموا، {فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ؛} من كان أهلا لذلك، {وَيَهْدِي؛} لدينه، {مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(٤).
قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا؛} أي بدلائلنا وحججنا التي دلّت على صحّة نبوّته مثل العصا واليد وغيرهما، {أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ}. قوله تعالى:{وَذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللهِ؛} أي بنعيم الله، وقيل: بوقائع الله في الأيّام السالفة من قوم نوح وعاد وثمود. وقيل: بنعيم الله ونقمه، والمعنى: عظهم بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد.
وقوله تعالى:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ}(٥)؛أي إنّ في ذلك التذكير لدلالات على قدرة الله لكل صبّار شكور على طاعته، وعن معصيته، وشكور لأنعم الله، والشّكر هو إظهار النعمة على جهة الاعتراف بها.
قوله تعالى:{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}(٦)؛هذه الآية قد سبق تفسيرها في سورة البقرة.
قوله تعالى:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ؛} هذه عطف على قوله {(إِذْ أَنْجاكُمْ)} كأنه قال: اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم، وإذ تأذن ربّكم، وهذا إخبار عن ما قال موسى لقومه؛ أي أعلمكم في الكتاب، {لَئِنْ شَكَرْتُمْ} نعمتي {لَأَزِيدَنَّكُمْ} نعمة، {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ؛} نعمتي، {إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ}(٧)؛لمن كفر.
قال ابن عبّاس:(معنى الآية: لئن وحّدتموني وأطعتموني، لأزيدنّكم نعمة)، قال قتادة:(حقّ الله أن يعطي من سأله، ويزيد من شكره)،وقوله تعالى {(وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ)} أي جحدتّم حقّي وحقّ نعمتي إنّ عذابي لشديد.