للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً؛} بنعمته، {فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ؛} عن طاعتكم، لم يأمركم بطاعته لحاجته إليها وهو ال‍ {حَمِيدٌ} (٨)؛لمن وحّده وأطاعه.

قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ؛} قيل: إنّ الخطاب في هذه الآية لأمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: هو خطاب موسى لقومه.

قوله تعالى: {(وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ)} يعني قوم شعيب وغيرهم، {لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ،} لا يعلم عددهم إلاّ الله، {جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ؛} أي بالدّلائل الواضحات {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ؛} قال ابن عبّاس: (عضّوا أناملهم غيظا على الرّسل فيما ادّعوا من النّبوّة)،وقال مجاهد: (هذا كناية عن الجحد والتّكذيب) (١).وقيل: معناه: وضع الكفار أيديهم على أفواه أنبيائهم.

قوله تعالى: {وَقالُوا إِنّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنّا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ؛} بسبب من التوحيد، {مُرِيبٍ} (٩)؛ظاهر الشكّ، والرّيب الشكّ مع التّهمة.

قوله تعالى: {*قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ؛} أي في توحيد الله شكّ، وهذا إنكار من الرسل عليهم؛ أي لا شكّ في توحيد الله، {فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؛} أي خالقهما فكيف يشكّون فيه ودلائل وحدانيّته ظاهرة، {يَدْعُوكُمْ؛} إلى دينه، {لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ؛} في الجاهليّة، {وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى؛} منتهى آجالكم، فلا يعذّبكم بعذاب الاستئصال.

وأما دخول {(مِنْ)} في قوله {(مِنْ ذُنُوبِكُمْ)} فيجوز أن تكون للجنس، كما في قوله {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ} (٢)،ويجوز أن تكون للتبعيض؛ أي ليغفر لكم بعض ذنوبكم، فادعوا الله وارغبوا إليه في مغفرة الذّنوب كلّها.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٥٦١٦).
(٢) الحج ٣٠/.

<<  <  ج: ص:  >  >>