للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ؛} أي مثل أعمال الذين كفروا بربهم في انتفاعه بها كرماد اشتدّت به الريح في يوم ذي عاصف، يقول: كما لا يقدر أحد على الانتفاع على جمع ذلك الرّماد إذا ذرّته الريح الشديدة، فكذلك هؤلاء الكفّار؛ {لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ؛} أي لا يقدرون على الانتفاع بشيء من الأعمال التي عملوها على جهة البرّ مثل صلة الرّحم ونحوها. وأما الكفر والمعاصي فلا يكون كرماد اشتدّت به الريح. قوله تعالى: {ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} (١٨)؛أي ذلك الذي ذكر هو الذهاب عن التنفّع البعيد عن الحقّ والهدى.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ؛} أي ألم تعلم-يا محمّد-أنّ الله خلق السموات والأرض على ما توجب الحكمة وتقتضيه المصلحة، والحقّ هو وضع الشيء موضعه.

قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ؛} أيّها الكفار؛ أي يهلككم، {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} (١٩)؛ويخلق قوما آخرين أطوع لله منكم،

{وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ} (٢٠)،أي وليس ذلك على الله بشديد ولا متعذّر.

قوله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلّهِ جَمِيعاً؛} أي إذا كان يوم القيامة برز الناس من قبورهم للمسائلة والمحاسبة، فيسألون عن أعمالهم ويجازون عليها، {فَقالَ الضُّعَفاءُ؛} أتباع الظّلمة والعصاة، {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا؛} وهم الرؤساء والقادة: {إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً؛} في المعصية والظّلم في الدّنيا، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ؛} دافعون، {عَنّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ}. فيقول لهم رؤساؤهم:

{قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ} أي ما نخلص به من هذا العذاب، {لَهَدَيْناكُمْ؛} إليه؛ أي لا مطمع لنا في ذلك، فكيف تطمعون في مثله من جهتنا؟ {سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ} (٢١)؛أي لا حيلة لنا سواء أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص من هذا العذاب.

قوله تعالى: {وَقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} هذا إخبار عن خطبة الشيطان، وذلك أنه إذا دخل أهل الجنّة الجنة، وأهل النار النار،

<<  <  ج: ص:  >  >>