قوله تعالى:{رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ؛} أي ما تسرّ أنفسنا وما تظهر. قوله تعالى:{وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ}(٣٨)؛يحتمل أن يكون من كلام إبراهيم، ويحتمل أن يكون قولا من الله معترض بين الكلامين، كأنه صدّق إبراهيم فإنه لا يخفى على الله من شيء.
ثم رجع إلى قول إبراهيم:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ؛} روي أنّ إبراهيم كان ابن مائة سنة يوم ولد له إسحاق، وكانت سارة يومئذ بنت تسع وتسعين سنة، وكان إسماعيل أكبر من إسحاق بثلاثة عشرة سنة.
وقوله تعالى:{إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ}(٣٩)؛أي قابل للدّعاء.
وقوله:{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ،} أي مداوما على إقامة الصّلاة، واجعل؛ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؛} من يقيم الصلاة، {رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ}(٤٠)؛ أي أجب دعائي،
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ؛} قال بعضهم: أراد آدم وحوّاء؛ لأن الله تعالى كان نهاه عن الاستغفار لأبيه من بعد ما تبيّن له أنّه عدوّ لله.
وقال بعضهم: أراد أبويه الأدنيين، فكان إبراهيم يستغفر لأبويه عن موعدة وعد بها إياه. وقرأ بعضهم «(ولوالدتى)» لأن أمّة كانت مسلمة. قوله تعالى:
{وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ}(٤١)؛أي يوم يحاسب الخلق.
قوله تعالى:{وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ؛} أي لا تظنّنّ الله يا محمّد غافلا عن أعمال الظّالمين ومجازاتهم على ما يعملون، {إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ}(٤٢)؛قال ابن عبّاس:(إذا سيقوا إلى النّار شخصت أبصارهم إليها)،وقال الحسن:(تشخص أبصارهم إلى إجابة الدّاعي حين يدعوهم من قبورهم، لا يغمضون أعينهم من هول ذلك اليوم).
قوله تعالى:{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ؛} أي مسرعين نحو البلاء الذي ينزل بهم، والإهطاع: الإسراع، وقال مجاهد:(مهطعين؛ أي مديمين النّظر)،قال الخليل:(المهطع: الّذي قد أقبل على الشّيء بنظره ولا يرفع عينيه عنه).قوله تعالى:
{(مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ)} أي رافعي رءوسهم إلى ما يرون في السّماء من الانفطار، وانتشار الكواكب، وتكوير الشّمس ونحو ذلك.