للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{ظَلَمْناهُمْ؛} أي وما ظلمناهم بتحريم ذلك، فإنّ تحريمها كان عقوبة لهم، ولا تكون العقوبة ظلما، {وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (١١٨)؛بمخالفتهم أمر الله تعالى.

قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (١١٩)؛فيه بيان أنّ من ارتكب المعاصي، وخالف أمر الله، واستعمل الجهالة في ارتكابه، لم يمنعه ذلك من التوبة، فإنه إذا تاب وأصلح في المستقبل، محا الله عنه كلّ السيئات، قال ابن عبّاس: (كلّ سوء يعمله ابن آدم فهو جاهل فيه، وإن كان يعلم أنّ ارتكابه ركوب سيّئة).

قوله تعالى: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً؛} فيه بيان أنّ إبراهيم كان هو القدوة للناس بالخير، وسمّي الإمام {(أُمَّةً)}؛لأنه يجمع خصال الخير، ويقال للرجل المنفرد بدين لا يشركه فيه غيره: أمّة، ويقال للعالم: أمّة، والأمّة:

الرجل الجامع للخير.

قوله تعالى: {(قانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً)} القانت: هو الدائم على الطاعة، والقنوت: هو الدوام على الطاعة، والقانت: هو المطيع، والحنيف قد تقدّم تفسيره، {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (١٢٠)؛كما ادّعاه كفار قريش، فإنّهم يدّعون أنّهم يتبعون دين إبراهيم.

قوله تعالى: {شاكِراً لِأَنْعُمِهِ؛} أي كان إبراهيم شاكرا لنعم الله عليه، وانتصب قوله {(شاكِراً)} على البدل من قوله {(أُمَّةً قانِتاً)}.وقوله: {اِجْتَباهُ؛} أي اصطفاه بالنبوّة واختاره، {وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١٢١)؛أي إلى دين الإسلام.

قوله تعالى: {وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً؛} قال ابن عبّاس: (يعني الذّكر الحسن)،وقال الحسن: (هي النّبوّة)،وقال مجاهد: {(لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)} (١) وقال مقاتل: (يعني الصّلاة عليه مقرونة بالصّلاة على محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهو قولهم: اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم).قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ} (١٢٢)؛أي مع المرسلين في الجنّة.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٦٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>