للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (١٢٢)؛أي أمرناك يا محمّد باتّباع ملّة إبراهيم في مجانبة الكفّار، كما كان إبراهيم يتجنّبهم.

فإن قيل: كيف يجوز أن يوصي الفاضل بمتابعة المفضول، ونبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم كان أفضل الأنبياء؟ فكيف أمره الله بمتابعة إبراهيم عليه السّلام؟ قيل: إنّ إبراهيم عليه السّلام كان قد سبق إلى اتّباع الحقّ، ولا يكون في سبق المفضول إلى اتّباع الحقّ عيب على الفاضل في اتّباعه.

قوله تعالى: {إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (١٢٤)؛وهم اليهود، وذلك أنّ موسى قال لبني إسرائيل: تفرّغوا إلى الله في كلّ سبعة أيّام يوما واحدا، فاعبدوه في يوم الجمعة، ولا تعملوا فيه شيئا من أمور الدّنيا، وستّة أيام لمعايشكم وصنائعكم، فأبوا أن يقبلوا ذلك منه، وقالوا: لا نبتغي إلاّ اليوم الذي فرغ فيه من الخلق، يعنون السّبت، فجعل ذلك عليهم فيه، وقالت جماعة منهم: بل أعظم الأيّام يوم الأحد؛ لأنه اليوم الذي بدأ الله فيه بخلق الأشياء، فاختاروا تعظيم غير ما فرض الله عليهم؛ أي تركوا تعظيم يوم الجمعة.

قوله تعالى: {اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ؛} أي أدع إلى سبيل دين الله {(بِالْحِكْمَةِ)} يعني بالنبوّة، {(وَالْمَوْعِظَةِ)} يعني القرآن، وقيل:

التخويف بالعذاب على جهة إظهار الشّفقة عليهم ليكون ذلك أقرب إلى إجابتهم.

قوله تعالى: {وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؛} أي بالرّفق واللّطف، وذكر أحسن ما عنده من الحجج، وأعرض عن أذاهم، ولا تقصّر في أداء الرسالة والدّعاء إلى الحقّ، قيل: إن هذه الآية نسختها آية السّيف. وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (١٢٥)؛أي هو أعلم بمن يقبل الهدى ومن لا يقبله، فيجزي كلاّ على ما عمل.

و

<<  <  ج: ص:  >  >>