وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما:(أسري به من بيت أمّ هانئ بنت أبي طالب أخت عليّ كرّم الله وجهه، والحرم كلّه مسجد).وعن الكلبي عن أبي صالح عن أمّ هانئ أنّها كانت تقول:(ما أسري برسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلاّ وهو في بيت)،قال مقاتل:
(كان الإسراء قبل الهجرة بسنة).
قوله تعالى: {(الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ)} صفة بيت المقدس، بارك الله فيما حوله بالأشجار والأثمار والأنهار حتى لا يحتاجون إلى أن يجلب إليهم من موضع آخر. وقيل: يعني {(بارَكْنا حَوْلَهُ)}:جعلناه موضعا للأنبياء عليهم السّلام، وفيه مهبط الملائكة، وفيه الوحي، وفيه الصّخرة. قوله تعالى:{لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا؛} أي من عجائب قدرتنا، {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ؛} لمقالة قريش وإنكارهم {الْبَصِيرُ}(١)؛بهم وبأعمالهم.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [لمّا كان ليلة أسري بي وأنا بين النّائم واليقظان، جاءني جبريل عليه السّلام وقال لي: يا محمّد قم، فقمت فإذا جبريل معه ميكائيل، فقال لي:
توضّأ، فتوضّأت، ثمّ قال لي: انطلق يا محمّد، فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى ربك.
فأخذ بيدي وأخرجني من المسجد، فإذا بالبراق دابّة فوق الحمار ودون البغل، خدّه كخدّ الإنسان، وذنبه كذنب البعير، وأظلافه كأظلاف البقر، وصدره كأنّه ياقوتة حمراء، وظهره كأنّه درّة بيضاء، عليه رحل من رحال الجنّة، خطوه منتهى طرفه.
فقال لي: اركب، فلمّا وضعت يدي عليه شمس، فقال جبريل: مهلا يا براق؛ أما تستحي! فو الله ما ركبك نبيّ أكرم على الله من هذا، هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم. فارتعش البراق، وتصبّب عرقا حياء من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ خفض حتّى لزق بالأرض، فركبته واستويت على ظهره.
قام جبريل نحو المسجد الأقصى يخطو مدّ البصر، والبراق يتبعه لا يفوت أحدهما الآخر حتّى أتيت بيت المقدس، فإذا بالملائكة قد نزلوا من السّماء يتلقّوني بالبشارة والكرامة من عند الله، فلمّا وصلت باب المسجد أنزلني جبريل، وربط البراق بالحلقة الّتي كانت تربط بها الأنبياء، وكان للبراق خطام من حرير الجنّة، فصلّيت في المسجد ركعتين، والملائكة خلفي صفوفا يصلّون معي.