عير بني فلان، وهي بالرّوحاء وقد أضلّوا بعيرا لهم وهم في طلبه] قالوا: فأخبرنا عن عيرنا نحن، قال: مررت بها بالتّنعيم، قالوا: فما عدّتها وأحمالها وهيئتها؟ قال:
[كذا وكذا، وفيها فلان، وتقدّمها جمل أورق عليه غرارتان مخيطان، تطلع عليكم عند طلوع الشّمس].
قال: فخرجوا يشتدّون نحو التّثنية وهم يقولون: لقد وصف محمّد شيئا فسنكذّبه، فلمّا أتوا كداء جلسوا عليها، فجعلوا ينظرون متى تطلع الشّمس فيكذّبوه، إذ قائل منهم يقول: هذه والله الشّمس قد طلعت، وقال آخر: وهذه العير قد طلعت يقدمها بعير أورق، فيها فلان وفلان كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلم يؤمنوا ولم يفلحوا).
وسعى ناس من المشركين إلى أبي بكر وقالوا: هذا صاحبك يزعم أنّه قد أسري به اللّيلة إلى الشّام في ليلة واحدة، ورجع قبل الصّبح، قال:(فكيف لا أصدّقه على ذلك؟!) قالوا: أتصدّقه أنّه ذهب إلى الشّام؟ فقال:(إن كان قال ذلك فقد صدق) قالوا: أتصدّقه أنّه ذهب إلى الشّام في ليلة واحدة ورجع قبل الصّبح؟ قال:
(فكيف لا أصدّقه على ذلك) فسمّي أبا بكر الصّدّيق. وأما المشركون فقالوا: ما سمعنا بهذا قطّ، إن هذا إلا سحر مبين (١).
فإن قيل إنما قال الله {(أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)} فلم قلتم أسرى به إلى السّماء؟ قلنا: الأخبار في ذلك متواترة ظاهرة، وما ذكره في سورة النجم دليل على صحّة ذلك.
قوله تعالى:{وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ؛} أي أعطينا موسى التوراة وجعلناه دلالة لبني إسرائيل، {أَلاّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً}(٢)؛ربّا، ولا تتوكّلوا على غيري، ومن قرأ {(أَلاّ تَتَّخِذُوا)} بالتاء، فهو على الخطاب بعد الغيبة مثل {الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} ثم قال: {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ}.
(١) في الدر المنثور: ج ٥ ص ١٨٦ - ١٨٨؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن أبي حاتم ... وذكره). وذكره ابن أبي حاتم مطولا في التفسير: ج ٧ ص ٢٣٠٩:الأثر (١٣١٨٤).