للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: فتقدّمت وجبريل على إثري حتّى انتهائي إلى حجاب من ذهب، فحرّكه، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل ومعي محمّد، فأخرج الملك يده من تحت الحجاب، فاحتملني وتخلّف جبريل، فقلت: إلى أين؟ فقال: وما منّا إلاّ له مقام معلوم، وإنّما أذن لي في الدّنوّ من الحجاب لإكرامك وإجلالك. فانطلق بي الملك في أسرع من طرفة عين إلى حجاب آخر، فحرّكه فقال الملك: من هذا؟ فقال: هذا محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معي، فأخرج يده من الحجاب، فاحتملني حتّى وسعني بين يديه.

فلم أزل كذلك من حجاب إلى حجاب حتّى سبعين حجابا، غلظ كلّ حجاب مسيرة خمسمائة سنة، وما بين الحجاب إلى الحجاب خمسمائة سنة، ثمّ احتملت إلى العرش].فانتهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حيث شاء الله، ورأى من العجائب والقدرة ما شاء الله.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [أمرت بخمسين صلاة كلّ يوم، فأقبلت حتّى أتيت موسى، فسألني: بم أمرت؟ فقلت: بخمسين صلاة، فقال: إنّ أمّتك لا يطيقون ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التّخفيف لأمّتك، فقال: فرجعت إلى ربي فحطّ عنّي خمسا، فأقبلت حتّى أتيت موسى فذكرت له ذلك، فقال لي: ارجع فاسأله التّخفيف لأمّتك، فرجعت فحطّ عنّي خمسا أخرى، فلم أزل كذلك يقول لي موسى: ارجع واسأله التّخفيف، وأنا أرجع حتّى بقيت خمس صلوات، فقال لي موسى: اسأله التّخفيف، فقلت له: لقد رجعت حتّى استحييت من ربي، فنوديت: أن قد أمضيت فريضتي وخفّفت على عبادي وجعلت كلّ حسنة بعشر أمثالها] (١).

قال ابن عبّاس: (فلمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في آخر اللّيل إلى مكّة وأخبر قريشا كذبوه، ثمّ سألوه عن صفة بيت المقدس وما كان عن يمينه حين دخل، وما كان عن يساره حين خرج، وما استقبله، فأخبرهم بصفاتها كلّها، وقال: [مررت على


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٠ ص ٢٠٨؛ قال القرطبي: (وهذه نبذة مختصرة من أحاديث الإسراء خاصة عن الصحيحين، ذكرها أبو الربيع سليمان بن سبع بكمالها في كتاب (شفاء الصدور) له).

<<  <  ج: ص:  >  >>