للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ؛} أي من التخويف والتّرغيب، {فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً} (٨٩) وامتنع أكثرهم؛ أي أكثر أهل مكّة إلا جحودا وإنكارا للحقّ.

قوله تعالى: {وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} (٩٠) روى عكرمة عن ابن عبّاس: (أنّ عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبا سفيان، والنّضر بن الحارث، وأبا جهل بن هشام، والأسود بن المطّلب، وربيعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل، وأبيّ بن خلف، والعاص بن وائل وغيرهم، اجتمعوا بعد غروب الشّمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمّد، وكلّموه وخاصموه. فبعثوا إليه أنّ أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلّموك.

فجاء إليهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سريعا يظنّ أنّه بدا لهم في أمره شيء، فجلس إليهم فقالوا: يا محمّد والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء، وعبت الدّين، وسفّهت الأحلام، وشتمت الآلهة، وفرّقت الجماعة. فما أمر قبيح إلاّ وقد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنّما جئت بهذا الحديث تطلب مالا، جمعنا لك من أموالنا حتّى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تطلب به الشّرف فينا سوّدناك علينا، وإن كان هذا الّذي بك تابع من الجنّ، بذلنا أموالنا في طلب الطّب لك حتّى نبريك منه!

فقال صلّى الله عليه وسلّم: [ما بي ما تقولون، ما جئتكم به لطلب أموالكم ولا الشّرف عليكم، ولكنّ الله تعالى بعثني رسولا وأنزل عليّ كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلّغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، فإن تقبلوا منّي ما جئتكم به فهو حظّكم من الدّنيا والآخرة، وإن تردّوه عليّ أصبر على ما أمر الله حتّى يحكم الله بيني وبينكم].

فقالوا: يا محمّد فإن كنت غير قابل منّا ما عرضنا عليك، فقد علمت أنّه ليس من النّاس أحد أضيق بلادا ولا أقلّ منّا، فاسأل لنا ربّك الّذي بعثك إلينا أن يسيّر عنّا هذه الجبال الّتي ضيّقت علينا، ويبسط لنا بلادنا ويجري لنا فيها أنهارا كأرض الشّام والعراق، وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن ممّن يبعث لنا قصيّ بن

<<  <  ج: ص:  >  >>