قرأ أهل الكوفة {(تَفْجُرَ)} مخففة بفتح التاء وضمّ الجيم، واختاره أبو حاتم؛ لأن الينبوع واحد، وقرأ الباقون بالتشديد، ولم يختلفوا في الثاني أنه مشدّد لأجل أنّها جمع.
وذلك أنّهم لمّا عجزوا عن الإتيان بسورة مثل القرآن وانقطعت حجّتهم، جعلوا يقترحون من الآيات ما ليس لهم، مع أن الذي أتاهم به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من القرآن، وانشقاق القمر، وغير ذلك من دلائل النبوّة، كان أبلغ في الدلالة مما اقترحوه من تفجير الينبوع وغير ذلك. والينبوع: عين تفور بالماء، وأراد بقوله {(مِنَ الْأَرْضِ)} أرض مكّة.
قوله تعالى:{أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ؛} فتشقّق، {الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً}(٩١)؛في وسط ذلك البستان تشقيقا.
قوله تعالى:
{أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً؛} من قرأ بسكون السّين؛ أي قطعا، فجمع الكثير كسدرة وسدر، وقيل: أراد جانبا. ومن قرأ {(كِسَفاً)} بفتح السين فهو جمع القليل؛ أي جمع كسفة، يقال: أعطني كسفة من هذا الثوب؛ أي قطعة منه، والكسوف هو انقطاع النّور.
قوله تعالى:{أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً}(٩٢)؛قال قتادة والضحّاك:(عيانا)،والمعنى: تأتي بهم حتى نراهم مقابلة ونشاهدهم، ويشهدون على صدق دعواك.
قوله تعالى:{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ؛} أي من ذهب، والزّخرف في الأصل هو الزّينة كما في قوله تعالى {حَتّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ}(١) أي بزينتها. قوله تعالى:{أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ؛} معناه: أو تصعد، {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ؛} أي لن نصدّقك مع ذلك، {حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً؛} تأتينا بكتاب من الله، {نَقْرَؤُهُ؛} أنّك رسول من الله إلينا.
قوله تعالى:{قُلْ سُبْحانَ رَبِّي؛} أي قل لهم يا محمّد: تنزيها لربي عن المقابلة التي وصفتم، فإنّ العارف بالله يعلم أنه لا يجوز المقابلة على الله. قوله تعالى: