للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ؛} أي كبرت مقالتهم تلك كلمة تخرج من أفواههم ما؛ {إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً} (٥)؛و {(كَلِمَةً)} نصب على التمييز، وإنّما كبرت هذه الكلمة؛ لأن صاحبها يستحقّ بها العذاب، ومن ذلك سميت الكبيرة كبيرة؛ لأن عقابها يزيد على استطاعة صاحبها.

قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا؛} فيه نهي للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم من إهلاك نفسه حزنا عليهم بسبب إعراضهم عن الإيمان لشدّة شفقته عليهم، وحقيقة الأسف الحزن على من فات.

ومعنى الآية: فلعلّك قاتل نفسك، يقال بخع الرجل نفسه إذا قتلها غيظا من شدّة حزنه على الشيء أو وجده بالشيء، وقوله تعالى: {(عَلى آثارِهِمْ)} أي من بعدهم، يعني من بعد تولّهم وإعراضهم عنك إن لم يؤمنوا، {بِهذَا الْحَدِيثِ؛} يعني القرآن، وقوله تعالى: {أَسَفاً؛} (٦) أي حزنا.

قوله تعالى: {إِنّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها؛} أي جعلنا جميع ما على الأرض من الأشجار والثّمار والنبات والمياه والذهب والفضة والحيوان لهم منها زينة للأرض، وجعلناها محفوفة بالشّهوات.

قوله تعالى: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (٧)؛أي لنأمرهم فننظر أيّهم أعمل بطاعة الله هذا أم هذا. قال الحسن: (أيّهم أزهد في الدّنيا وأترك لها) (١).

وقال مقاتل: (أيّهم أصلح فيما أوتي من المال، ويحسن العمل، ويزهد في ما زيّن له من الدّنيا).

ثم بيّن الله تعالى أنه يعني ذلك كلّه؛

فقال تعالى: {وَإِنّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً} (٨)؛أي يجعل ما عليها من الحيوان والنّبات ترابا يابسا مستويا على الأرض، والجرز الأرض التي لا ماء فيها ولا نبات، ويقال: سنة جرزا إذا كانت حرّة. قال عطاء: (يريد يوم القيامة يجعل الله الأرض جرزا لا ماء فيها ولا نبات).


(١) في الدر المنثور: ج ٥ ص ٣٦١؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن).وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: الرقم (١٢٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>