للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً} (٩)؛أي لم يكونوا بأعجب، فقد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك.

قال الزجّاج: (أعلم الله أنّ قصّة أهل الكهف ليست بعجيبة؛ لأنّ خلق السّماوات والأرض وما بينهما أعجب من قصّة أصحاب الكهف).

والكهف: الغار في الجبل، والرّقيم: قيل: هو واد دون فلسطين، وهو الوادي الذي فيه أصحاب الكهف، وقيل: الرقيم لوح من حجارة، وقيل: من رصاص كتبوا فيه أسماء أهل الكهف وقصّتهم ثم وضعوه على باب الكهف وهو على هذا التأويل بمعنى المرقوم؛ أي المكتوب، والرقيم: الخطّ والعلامة، والرقيم: الكتابة.

قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ قريشا بعثوا خمسة رهط إلى اليهود يسألونهم عن أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالوا لهم: إنّه يزعم أنّه نبيّ مرسل واسمه محمّد، وهو فقير يتيم وبين كتفيه خاتم، وإنّا نزعم أنّه يتعلّم من مسيلمة، فإنّه يقول: أنا مرسل من عند الرّحمن، ونحن لا نعرف الرّحمن إلاّ رحمان اليمامة-يعنون مسيلمة-.

فلمّا أتى هؤلاء الرّهط المدينة، أتوا أحبار اليهود وعلمائهم فسألوا عنه ووصفوا لهم صفته وخاتمه، قالوا: نحن نجده في التّوراة كما وصفتموه، ولكن سلوه عن ثلاث خصال، فإن كان نبيّا أخبركم بخصلتين، ولم يخبركم بالثّالثة؟ فإنّا سألنا مسيلمة عن هذه الخصال فلم يدر ما هي، وأنتم سلوه عن خبر ذي القرنين، وعن الرّوح، وعن أصحاب الكهف.

فرجعوا وأخبروا قريشا بذلك، فسألوا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: سأخبركم غدا، ولم يقل إن شاء الله. فأبطأ عليه جبريل خمس عشرة ليلة، وشقّ ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ نزل جبريل بهذه الآية {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً، إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ} (١)) (٢).


(١) الكهف ٢٣/.
(٢) في السيرة النبوية لابن هشام: ج ١ ص ٣٢١ ذكره في معناه. وذكره السيوطي في الدر المنثور: ج ٥ ص ٣٧٦ عن مجاهد؛ وقال: (أخرجه ابن المنذر).

<<  <  ج: ص:  >  >>