للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال دقيانوس: سدّوا باب الكهف، ودعوهم فيه يموتون جوعا وعطشا، وليكن كهفهم الذي اختاروه قبرا لهم، وهو يظنّ أنّهم أيقاظ يعلمون ما يصنع بهم، وقد توفّى الله أرواحهم في النوم وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف وقد غشيه ما غشيهم، يقلّبون ذات اليمين وذات الشّمال، وبقي دقيانوس ما بقي، ثم مات وقرون بعده كثيرة وجاءت ملوك بعد ملوك).

وقيل: إنّ دقيانوس لمّا أتى إلى كهفهم يطلبهم كان كلّما أراد رجل أن يدخل عليهم الكهف أرعب، فلم يطق الدخول، فجعلوا يقولون لو قدرنا أن ندخل عليهم لقيناهم فلم يستطع أحد الدخول إليهم، قال: سدّوا عليهم باب الكهف فيموتون جوعا وعطشا، ففعلوا ذلك.

فلما مضى على ذلك قرون وأزمان جاء راعي غنم إلى الكهف بغنمه فأدركه المطر عند الكهف، ففتح الكهف ليدخل غنمه فيه من المطر فوجدهم هناك، فردّ الله عليهم أرواحهم، فجلسوا فرحين مستبشرين، وظنّوا أنّهم أصبحوا من ليلتهم، فقاموا إلى الصّلاة فصلّوا، لا ترى في ألوانهم ولا في أجسامهم شيء يكرهونه، وهم يحسبون أنّ دقيانوس في طلبهم.

ثم قالوا ليمليخا: ما الذي قال الناس في شأننا بالأمس؟ فقال: سمعت أنّهم يلتمسونكم، فقال مكسلمينا: يا إخوتاه؛ اعلموا أنّكم ملاقو الله فلا تكفروه بعد إيمانكم إذا طلبكم غدا، فقالوا ليمليخا: اذهب إلى المدينة استمع لنا الأخبار، وما الذي يذكره الناس فينا عند دقيانوس.

فدخل المدينة مستخفيا يصدّ عن الطريق؛ لئلاّ يراه من الناس أحد يعرفه فيعلم دقيانوس، ولم يعلم يمليخا أنّ دقيانوس وقومه قد هلكوا منذ ثلاثمائة سنة، فرأى يمليخا على باب المدينة علامة أهل الإيمان فعجب، وجعل ينظر يمينا وشمالا مستخفيا، ثم ذهب إلى الباب الثاني فرأى عليه كذلك، فخيّل إليه أنّ المدينة ليست بالتي كان يعرف.

ثم رأى أناسا كثيرا يتحدّثون لم يكن يراهم قبل ذلك، فخيّل إليه أنه حيران، وجعل يقول لعلّ هذه غشية، ثم سمع الناس يتحدّثون بحديث أهل الإسلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>