للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعهدها، ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر لم يره، فخصّه الله بالكرامة والسّلامة والسّلام في المواطن الثّلاثة) (١).

وعن الحسن: (أنّ يحيى وعيسى عليهما السّلام التقيا، فقال له عيسى: استغفر لي فأنت خير منّي، وقال يحيى: استغفر لي فأنت خير منّي، فقال عيسى: بل أنت خير منّي، أنا سلّمت على نفسي، وأنت سلّم الله عليك).

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا} (١٦)؛أي اذكر يا محمّد في القرآن خبر مريم؛ لتعتبر الناس بدينها وصلاحها، والمعنى اذكر خبرها لأهل مكّة. قوله تعالى {(إِذِ انْتَبَذَتْ)} أي تنحّت من أهلها، وتفرّدت ممّن كانوا معها في الدار إلى مكان في جانب الشّرق، جلست فيه؛ لأنّها كانت في الشّتاء، فجلست في مشرقة الشمس.

وقال عكرمة: (أرادت الغسل من الحيض، فتحوّلت إلى مشرقة دارهم للغسل)

{فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً؛} أي من دون أهلها سترا لئلاّ يروها، ف‍؛بينما هي في مشرقة الدار تغتسل من الحيض، {فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا،} أي دخل عليها جبريل عليه السّلام بعد ما فرغت من الاغتسال في صورة شابّ أمرد حسن الوجه جعد الشعر، وذلك قوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا} (١٧)؛وإنّما أرسل الله جبريل في صورة البشر؛ لتثبت مريم وتقدر على استماع كلامه.

قال ابن عبّاس: (فلمّا رأت مريم جبريل تقصّد نحوها نادته من بعيد) (٢)،

{قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} (١٨)؛أي إن كنت تقيّا مخلصا مطيعا، فستنتهي لتعوذي بالله منك، وقيل: إنّ تقيّا كان رجلا من أمثل الناس في ذلك الزمان، فقالت: إن كنت في الصلاح مثل التقيّ، فإنّي أعود بالرّحمن منك،


(١) في جامع البيان: مج ٩ ج ١٦ ص ٧٤؛ قال الطبري: (وقد ذكر ابن عيينة في ذلك ما حدثني أحمد بن منصور الفيروزي؛ قال: أخبرني صدقة بن الفضل قال: سمعت أبو عطية يقول: ... وذكره).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٧٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>