قوله تعالى:{كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا}(٧١)؛الحتم: القطع بالأمر، والمقضيّ هو الذي قضى بأنه يكون.
قوله تعالى:{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا؛} أي الذين اتّقوا الشرك وصدّقوا، {وَنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا}(٧٢)؛أي ونذر المشركين فيها جثيّا على الرّكب.
وإذا تتلى على الكفّار آيات القرآن المنزّلة قالوا {لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ؛} أي الدّينين، {خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}(٧٣)؛خير مسكنا وخير مجلسا في الدّنيا، فكذلك يكون في الآخرة.
يعني أنّ مشركي قريش كانوا يقولون لفقراء المؤمنين: أيّ الفريقين خير مقاما؛ نحن أم أنتم؟ والمقام والمسكن والمنزل والنّديّ والنادي: مجلس القوم ومجتمعهم، وكانوا يلبسون أحسن الثّياب، ثمّ يقولون مثل هذا للمؤمنين.
فأجابهم الله تعالى بقوله:{وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً}(٧٤)؛أي وكم أهلكنا قبل قريش من الأمم الخالية هم أحسن أموالا وأحسن منظرا، والأثاث: المال، جمع الإبل والغنم والعبيد والمتاع، وقال الحسن:
(الأثاث: اللّباس، والرّئيّ: المنظر).
وقرئ «(وريا)» بغير همز من الرّيّ الذي هو ضدّ العطش، والمراد: أن منظرهم مرتو من النعمة كأنّ النعيم بيّن فيهم؛ لأن الرّيّ يتبعه الطراوة، كما أنّ العطش يتبعه الذّبول.
قوله تعالى:{قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا؛} أي قل لهم يا محمّد: من كان في العماية عن التوحيد، ودين الله فليمدد له الرّحمن؛ أي ليزد في ماله وعمره وولده، ويقال: ليدعه الله في طغيانه حتى إذا وصل الآخرة لم يكن له فيها نصيب. وهذا اللفظ أمر؛ ومعناه الخبر.
قوله تعالى:{حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السّاعَةَ؛} يعني الذين مدّهم الله في الضلالة. وأخبر عن الجماعة لأنّ لفظ {(مَنْ)} يصلح للجماعة.