ثم ذكر ما يوعدون، فقال: {(إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السّاعَةَ)} يعني القتل والأسر والقيامة والخلود في النار، {فَسَيَعْلَمُونَ} حينئذ {مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً؛} أي أهم أم المؤمنون؛ لأن مكانهم جهنم، ومكان المؤمنين الجنّة. قوله تعالى: و {وَأَضْعَفُ جُنْداً}(٧٥)؛هذا ردّ عليهم في قولهم: أيّ الفريقين خير مقاما، وأحسن نديّا.
قوله تعالى:{وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً؛} أي يزيدهم هذا بالإيمان والشّرائع، ويزيدهم هدى بالأدلّة والحجج والطاعات التي تدعو إلى الحسنات.
قوله تعالى:{وَالْباقِياتُ الصّالِحاتُ؛} قد تقدّم تفسيرها، سميت باقيات؛ لبقاء ثوابها للإنسان. قوله تعالى:{خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً؛} أي أنفع من مقامات الكفّار التي يفتخرون بها، {وَخَيْرٌ مَرَدًّا}(٧٦)؛أي وأفضل مرجعا في الآخرة، وأفضل ما يردّ على صاحبه.
قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً}(٧٧) أنزلت هذه الآية في العاص بن وائل، قال خبّاب بن الأرتّ:(كان لي دين على العاص ابن وائل، فحسب دينه منه، فقال: لا أقضيك حتّى تكفر بمحمّد، قال: لا والله؛ لا أكفر بمحمّد حيّا ولا ميّتا ولا حين أبعث، قال: فدع مالك، فإذا بعثت أعطيت مالا وولدا وأعطيك هنالك-قال ذلك مستهزئا-قال: فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله هذه الآية)(١).
وقال الحسن:(نزلت في الوليد بن المغيرة)،ومعنى: لأوتينّ مالا وولدا: لئن كان ما يقول محمّد في الآخرة حقّا لأعطينّ مالا وولدا في الآخرة. ومن قرأ «(وولدا)» بالضمّ؛ فمعناه واحد، كالحزن والحزن، وقيل: إنه جمع الولد كما يقال أسد وأسد.
قوله تعالى:{أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً}(٧٨)؛أي أعلم ذلك غيبا أم عهد الله إليه عهدا بما تمنّى؟! وقال ابن عبّاس:(ومعناه: ما غاب عنه حتّى يعلم أفي الجنّة هو أم لا).وقال الكلبيّ:(أنظر ما في اللّوح المحفوظ).
(١) خرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٠١٢).وفي الدر المنثور: ج ٥ ص ٥٣٦؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس) وذكره بلفظ قريب منه.