للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى؛ لأنّ الله تعالى لم يخاطب نبيّه إلاّ بلسان قريش. قال الشّاعر (١):

إنّ السّفاهة طه فى خلائقكم ... لا قدّس الله أرواح الملاعين

يريد: يا رجل، وقال آخر:

هتفت بطه في القتال فلم يجب ... فخفت عليه أن يكون موائلا (٢)

وقرئ «(طه)» بتسكين الهاء، وله معان؛ أحدها: أن تكون الهاء بدلا من همزة الطّاء كقولهم في: أرقت هرقت. والآخران: أن يكون على ترك الهمزة طا يا رجل بقدمك الأرض، ثم يدخل الهاء للوقف، فإنه روي: [أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يجتهد في صلاة اللّيل بمكّة حتّى تورّمت قدماه، فكان إذا صلّى رفع رجلا ووضع أخرى، فأنزل الله تعالى {(طه)} أي طأ الأرض بقدمك (٣).

وقال بعضهم: أول السّورة قسم؛ أقسم الله بطوله وهدايته. وقال بعضهم:

الطاء من الطّهارة، والهاء من الهداية، كأنه تعالى قال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: يا طاهرا من الذّنوب، ويا هاديا إلى علاّم الغيوب.

قوله تعالى: {ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى} (٢)؛أي لتجهد نفسك وتتعب، وذلك أنه لمّا نزل عليه الوحي اجتهد في العبادة، حتى أنه كان يصلّي على إحدى رجليه لشدّة قيامه وطوله، فأمره الله أن يخفّف على نفسه، وذكر له أنه ما أنزل عليه القرآن ليتعب ذلك التعب، ولم ينزله،

{إِلاّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى} (٣)؛قال مجاهد: (نزلت هذه الآية لسبب ما كان يلقى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من التّعب والسّهر من قيام اللّيل).


(١) قاله يزيد بن المهلهل.
(٢) نسبه الطبري في جامع البيان: ج ٩ ص ١٧١ لمتمم بن نويرة.
(٣) في الدر المنثور: ج ٥ ص ٥٥٠؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن المنذر وعبد بن حميد عن الربيع بن أنس).وأخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٢٥١.وابن ماجة في السنن: كتاب الصلاة: باب ما جاء في طول القيام: الحديث (١٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>