للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن: (هذا جواب للمشركين، وذلك أنّ أبا جهل والنّضر بن الحارث قالا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: وإنّك لتشقى، لما رأوا من طول عبادته وشدّة اجتهاده، فقال صلّى الله عليه وسلّم:

[بعثت رحمة للعالمين] قالوا: بل أنت شقيّ، فأنزل الله هذه الآية {(ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى)} ولكن لتسعد وتنال الكرامة به في الدّنيا والآخرة).

والشّقاء في اللغة: احمرار ما شقّ على النفس من التعب.

قوله تعالى: {تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى} (٤)؛نصب على المصدر؛ أي نزّلناه تنزيلا.

والعلى: جمع العلياء.

قوله تعالى: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} (٥)؛وقد تقدّم تفسيره.

قوله تعالى: {لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى} (٦)؛أي له ما له في السّماوات وما في الأرض، وما بينهما من الخلق، معناه: أنه مالك كلّ شيء ومدبره، وقوله تعالى: {(وَما بَيْنَهُما)} يعني الهواء.

قوله تعالى: {(وَما تَحْتَ الثَّرى)} أي وما تحت التّراب. والمفسّرون يقولون هو التراب النديّ الذي تحت الأرض السّفلى، وقيل: تحت الصخرة التي عليها الثور، ولا يعلم ما تحت الثّرى إلاّ الله.

قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى} (٧)؛معناه:

ما حاجتك إلى الجهر، فإن الله لا يحتاج إلى جهرك ليسمع، فإنه تعالى يعلم السّر وأخفى منه. قال ابن عبّاس: (السّرّ ما أسررت به في نفسك، وأخفى منه ما لم تحدّث به نفسك ممّا يكون في غد، علم الله فيهما سواء) (١) والتّقدير: وأخفى منه، إلاّ أنه حذف للعلم به.

وعن سعيد بن جبير قال: (السّرّ ما تسرّه في نفسك، وأخفى منه ما لم يكن وهو كائن، فالله تعالى يعلم ما خفي عن ابن آدم ممّا هو فاعله قبل أن يفعله) (٢).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٠٩٢).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٠٩٥ - ١٨٠٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>