قوله تعالى:{لِنُبَيِّنَ لَكُمْ؛} أي لنبيّن لكم كمال قدرتنا وحكمنا في تصريفنا في الخلق.
وقوله تعالى:{وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى؛} أي ونترك في الأرحام ما نشاء من الولد إلى وقت التّمام ولا نسقطه. وروي عن عاصم:(ونقرّ) بالنصب على العطف، وقراءة الباقين بالرفع على معنى: ونحن نقرّ. قوله تعالى:
{ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً؛} أي ثم نخرجكم من الأرحام طفلا صغارا، وإنّما لم يقل أطفالا لأنه لم يخرجهم من أمّ واحدة، ولكن يخرجهم من أمّهات شتّى، كأنه قال:
ثم نخرج كلّ واحد منكم طفلا.
قوله تعالى:{ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ؛} أي ثم لنعمّركم لتبلغوا أشدّكم بمعنى الكمال والقوة، {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى؛} قبل بلوغ الأشدّ، {وَمِنْكُمْ مَنْ؛} يعمّر حتى {يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ؛} أي هوانه وأخسّه وهو الهرم والخرف. قوله تعالى:{لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً؛} أي لكيلا يعقل من بعد عقله الأوّل شيئا.
قوله تعالى:{وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً؛} هذه دلالة أخرى تدلهم على إحياء الموتى بإحياء الأرض الميتة، والهامدة: هي اليابسة الجافّة، كأنه قال: وترى الأرض يابسة جافّة ذات تراب كالنار إذا اطفئت ورمدت، {فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ؛} أي على الأرض، {اِهْتَزَّتْ وَرَبَتْ؛} أي تحرّكت بالنبات، وازدادت وأضعفت النبات، وذلك أن الأرض ترتفع على النبات، فذلك تحريكها، وهو معنى قوله (وربت) أي ارتفعت وزادت وانتفخت للنبات، من ربا يربو إذا ازداد.
قوله تعالى:{وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}(٥)؛أي وأخرجت أكما من كلّ لون حسن البهجة، ومن كلّ صنف مؤنق العين، والبهيج الحسن. قال الله تعالى:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ}(١).