للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو الذي قد أصابه ضرر الجوع، و {(الْفَقِيرَ)} الذي لا شيء له. وقيل: البائس الذي بيّن عليه أثر البؤس بأن يمدّ يده إليك. وقيل: البائس الزّمن. وإنّما خصّص البائس الفقير؛ لأنه أحوج من غيره.

قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ؛} قال ابن عباس: (التّفث هو المناسك كلّها) (١)،والمراد هاهنا رمي الجمار والحلق، ويقال: قضاء التّفث إزالة الشّعث، وفي هذا دليل على أن المراد بقوله {(عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ)} دم المتعة والقران؛ لأن الله تعالى رتّب عليه قضاء التّفث والطواف بالبيت الحرام، لا دم ترتّب على هذه الأفعال إلاّ دم المتعة والقران، فذكر هذه الآية في جواز الأكل مما يذبح. وقيل: التّفث هو الوسخ والقذر من طول الشّعر والأظفار، وقضاؤه وإذهابه وإزالته.

قوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ؛} يعني نحر ما نذروا من البدن، وقيل:

يعني ما نذروا من أعمال البرّ في أيام الحجّ، وربّما نذر الرجل أن يتصدّق إن رزقه الله لقاء الكعبة. قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٢٩)؛يعني طواف الزّيارة بعد التروية، أما يوم النّحر وما بعده فيسمّى طواف الإفاضة. والعتيق القديم؛ لأنه أول بيت وضع للناس. وقيل: [أعتق من أيدي الجبابرة، فلا يظهر عليه جبّار قط إلاّ أذلّه الله] (٢).وعن ابن عبّاس قال: حجّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلمّا أتى وادي عسفان قال: [لقد مرّ بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم على بكرات حمر خطمهنّ اللّيف، يحجّون البيت العتيق] (٣).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٩٨٣).وابن أبي حاتم في التفسير: ج ٨ ص ١٣٨٩٩.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٨٩٩٤). عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ... وذكره. وأخرجه الترمذي في الجامع: أبواب التفسير: الحديث (٣١٧٠)،وقال: هذا حديث حسن غريب. والحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٥١٦)،وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.
(٣) رواه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>