للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيّام التّشريق)،وإنّما قال لها معدودات؛ لأنّها قليلة، وقيل لتلك المعلومات الحرص على علمنا بحسابها من أجل وقف الحجّ في آخرها، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة.

وقال أبو يوسف: (الأيّام المعلومات أيّام النّحر وهي ثلاثة أيّام، والأيّام المعدودات أيّام التّشريق وهي ثلاثة بعد اليوم الأوّل من أيّام النّحر، فيكون اليوم الأوّل من أيّام النّحر من المعلومات دون المعدودات، واليوم الآخر من أيّام التّشريق من المعدودات دون المعلومات، ويومين من وسطها من المعلومات والمعدودات جميعا)،وكان يستدلّ على هذا القول في الأيّام بهذه الآية، فإنه تعالى قال: {(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ)}،فاقتضى ظاهره أن المراد التسمية على ما ذبح من بهيمة بالمتعة والقران.

وأما على قول أبي حنيفة، فالمراد بالذّكر إكثار الذّكر في أيام العشر، كما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [ما من أيّام العمل الصّالح أفضل فيهنّ من أيّام التّشريق، فأكثروا فيها من التّحميد والتّكبير والتّهليل] (١).

وعلى هذا يكون معنى {(عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ)} لما رزقتهم من بهيمة الأنعام، كما قال {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ} (٢) أي لما هداكم، وقال محمّد بن كعب: (المعلومات والمعدودات واحد).قوله تعالى: {(عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ)} يعني الهدايا والضّحايا من الإبل والبقر والغنم.

قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ} (٢٨)؛قال الحسن:

(وذلك أنّ أهل الجاهليّة كانوا إذا ذبحوا لطّخوا وجه الكعبة، وشرّحوا اللّحم فوضعوه على الحجارة حتّى تأكله السّباع والطّير، وقالوا: لا يحلّ لنا أن نأكل شيئا جعلناه لله.

فلمّا جاء الإسلام قال النّاس: يا رسول الله كنّا نضعه في الجاهليّة ألا نضعه الآن؟ فنزلت هذه الآية). {(فَكُلُوا مِنْها)} يعني الأنعام التي تنحرون، {(وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ)}


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٢ ص ١٣١ بهذا اللفظ. للحديث ألفاظ أخرى عند البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجة والطبراني والبيهقي وغيرهم.
(٢) البقرة ١٨٥/.

<<  <  ج: ص:  >  >>