للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجهه، ولا يسأل)،وعن مجاهد: (أنّ القانع جارك الغنيّ، والمعترّ الّذي يعتريك من النّاس).

فعلى هذا تقتضي الآية: أن المستحبّ أن يتصدّق بالثّلث؛ لأن في الآية أمر بالأكل وإعطاء الغنيّ وإعطاء الفقير السائل. وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال في الحرم:

[الأضاحي كلوا وادّخروا] (١)،وقال تعالى: {فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ،} فإذا جمعت بين الآية والخبر جعل الثلث للصدقة.

قوله تعالى: {كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٣٦)؛أي مثل ما وصفنا من نحرها وقيامها سخّرناها لكم؛ أي ذلّلناها لكم؛ لتتمكّنوا من نحرها على الوجه المسنون؛ لكي تشكروا نعم الله تعالى.

قوله تعالى: {لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ} قال الكلبيّ: (كان أهل الجاهليّة ينحرون البدن للأصنام ويلطّخون البيت بدمائها قربة إلى الله فنهى عن ذلك).والمعنى: لن يرفع الله لحومها ولا دماؤها، ولكن يرفع إلى الله منكم الأعمال الصالحة والتّقوى، وهو ما أريد به وجهه الكريم.

ويقال: إنّما لا يتقبّل الله اللحوم والدماء لأنها فعل الله، ولكن يتقبل التقوى الذي هو فعل العبد، فيوجب الثواب على ذاك، والمعنى: لن يتقبّل الله اللحوم والدماء اذا كانت من غير تقوى، وإنّما يتقبّل منكم التقوى والطاعة في ما أمركم به، بالنيّة والإخلاص به.

قوله تعالى: {كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ؛} أي ذلّلها لكم، {لِتُكَبِّرُوا اللهَ} أي لتعظّموه، {عَلى ما هَداكُمْ؛} لدينه، {وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} (٣٧)؛ بالجنّة يعني الموحّدين المخلصين. ويقال: معنى قوله {(عَلى ما هَداكُمْ)} يعني ما بيّن لكم وأرشدكم لمعالم دينه ومناسك حجّه.


(١) رواه الحاكم في المستدرك: كتاب الأضاحي: الحديث (٧٦٤٣).وأخرجه البخاري بلفظ: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: [كلوا من الأضاحي ثلاثا] في الصحيح: كتاب الأضاحي: الحديث (٥٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>