للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {*إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا؛} أي إذا ما أمرتم فعلتم به وخالفتم فعل الجاهليّة في نحرهم وإشراكهم بالله، فإن الله يدفع عنكم غائلة المشركين وأذاهم وينصركم عليهم، {إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفُورٍ} (٣٨) أي لا يحبّ كلّ مظهر للنصيحة مضمر للغشّ والنّفاق كافر بالله وبنعمته.

قال ابن عبّاس: (يريد الّذين خانوا الله بأن جعلوا معه شريكا وكفروا نعمه)، قال الزجّاج: (من ذكر غير اسم الله وتقرّب إلى الأصنام بذبيحته فهو خوّان كفور) (١)، قرأ أبو عمرو وابن كثير: «(يدفع)»،وقرأ الباقون: {(يُدافِعُ)}،وهو بمعنى واحد.

قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا؛} قال ابن عبّاس:

(هذه أوّل آية نزلت في الإذن بالقتال، أذن الله تعالى للمؤمنين المهاجرين أن يقاتلوا كفّار مكّة بسبب ما ظلموا بأن أخرجوا من مكّة) {وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (٣٩)؛هذا وعد لهم بالنّصر.

وقيل: كان مشركو مكّة يؤذون أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلا يزالون محزونين من «بين» (٢) مشجوج ومضروب، ويشكون ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيقول لهم:

[اصبروا فإنّي لم اؤمر بالقتال] (٣) حتّى هاجروا، فأنزل الله هذه الآية بالمدينة.

قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم: {(أُذِنَ)} بضمّ الألف وكسر الذال، وقرأ الباقون «(أذن)» بالفتح؛ أي أذن الله لهم، وقوله {(يُقاتَلُونَ)قرأ نافع وابن عامر وحفص: بفتح التاء؛ أي أذن للمؤمنين الذين يقاتلهم المشركون، وقرأ الباقون بكسرها، يعني أذن لهم في الجهاد يقاتلون المشركين (٤).

قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ؛} أوّل آية بدل من {(الَّذِينَ يُقاتِلُونَ)} أي أخرجهم أهل مكة من منازلهم بغير جرم منهم.


(١) معاني القرآن: ج ٣ ص ٣٤٩.
(٢) (بين) سقطت من المخطوط.
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٨٦٩.
(٤) ينظر: جامع البيان: ج ١٠ ص ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>