للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني اللوح المحفوظ، فيه كلّ شيء مكتوب، سبق في علم الله، {يَنْطِقُ بِالْحَقِّ؛} أي يبيّن الصدق، {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (٦٢)؛أي لا ينقصون من ثواب أعمالهم، ولا يزاد على سيّئاتهم.

قوله تعالى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ؛} أي قلوب أهل مكّة في غفلة وجهالة، {مِنْ هذا} الذي تقدّم ذكره من أعمال البرّ. وقيل: في غفلة من القرآن، {وَلَهُمْ أَعْمالٌ؛} خبيثة لا يرضاها الله من المعاصي والخطايا، {مِنْ دُونِ ذلِكَ؛} أي من دون أعمال المؤمنين، {هُمْ لَها عامِلُونَ} (٦٣)؛ويجوز أن يكون قوله {(مِنْ هذا)} إشارة إلى الكتاب الذي ينطق بالحقّ؛ أي قلوبهم في غفلة من ذلك الكتاب، وأعمالهم التي عملوها محصاة فيه، ولهم أعمال من دون ما هم عليه لا بدّ أن يعملوها، وهو ما سبق في علم الله أنّهم يعملونه. والغمرة: الغفلة التي تغطّي القلب وتغلب عليه.

قوله تعالى: {حَتّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ} (٦٤)؛ أي حتى إذا أخذنا أعيانهم ورؤساءهم بالقتل يوم بدر وبما يرون من العذاب وقت المعاينة، وقال الضحّاك: (بالجوع حين دعا عليهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [اللهمّ اشدد وطأتك على مضر، اللهمّ سنين كسنين يوسف] (١) فابتلاهم الله بالقحط حتّى أكلوا العظام والجيف والكلاب والأولاد والقذر) (٢).قوله تعالى: {(إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ)} أي يصيحون ويصرخون بالتوبة، وقيل: يجرعون ويستغيثون. وأصل الجؤار رفع الصّوت بالتّضرّع.

قوله تعالى: {لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ؛} وعيدا بهم كالاستهزاء مثل قوله {لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا} (٣)،قوله تعالى: {إِنَّكُمْ مِنّا لا تُنْصَرُونَ} (٦٥)؛أي لا


(١) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الدعوات: باب الدعاء على المشركين: الحديث (٦٣٩٣). ومسلم في الصحيح: كتاب المساجد: باب استحباب القنوت: الحديث (٦٧٥/ ٢٩٥).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٨٨٤.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٢ ص ١٣٥.
(٣) الأنبياء ١٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>