للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تمنعون من عذابنا.

قوله تعالى: {قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ؛} أي تقرأ عليكم في الدّنيا، يعني القرآن، {فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ} (٦٦)؛أي تولّون مدبرين وتعرضون عن الإيمان به،

قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ؛} أي متعظّمين ببيت الله الكعبة. وقيل: بحرم الله أنه لا يظهر عليكم أحد، فالكناية تعود إلى الحرم وهو كناية من غير مذكور، والمعنى: والمستكبرين في البيت الحرام لأمنهم فيه مع خوف سائر الناس في مواضعهم.

قوله تعالى: {سامِراً تَهْجُرُونَ} (٦٧)؛أي سمّارا تهجرون القرآن والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والهجر: هجر الحقّ بالإعراض عنه، وقد يقال: هجر المريض إذا هدأ في كلامه.

والسّمر: الحديث باللّيل، كانوا يتحدّثون حول الكعبة في أوائل الليل بالطّعن في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفي الإسلام والمسلمين، وإنّما وحّد {(سامِراً)} لأنه في موضع المصدر.

قال الحسن ومقاتل: (المعنى: يهجرون القرآن ويرفضونه فلا يلتفتون إليه، كما قال تعالى {(قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ)} الآية).ويجوز أن يكون معناه من الهجر؛ وهو الكلام القبيح، يقال: هجر هجرا؛ إذا قال غير الحقّ، وهو قول السديّ والكلبي وقتادة ومجاهد، وكانوا إذا دخلوا البيت سبّوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والقرآن (١).ويقال أيضا في هذا المعنى: أهجر هجرا؛ إذا أفحش في منطقه، ومنه قراءة نافع: «(تهجرون)» أي يفحشون في الكلام، ويقولون الخنا، وذلك أنّهم كانوا يسبّون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (٢)،والهجر هو الفحش من الكلام، يقال في المثل: (من كثر هجره وجب هجره).

قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ؛} أي أفلم يدّبّروا القرآن في حسن لفظه ونظمه، وكثرة فوائده ومعانيه، مع سلامته من التناقض والاختلاف، فتعلّموا أنه من عند الله، ويقال: معناه: أفلم يدّبّروا القرآن فيعرفوا ما فيه من العبر والدّلالات على صدق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٩٣٨٣) عن مجاهد، و (١٩٣٨٧) عن الحسن وقتادة.
(٢) نقله الطبري في جامع البيان: مج ١٠ ج ١٨ ص ٥٣،وذكر الآثار فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>